عليه طريقا فعندك حيلة في أمره؟ فقال : إنّما يؤتى أبو عبيد الله من أحد وجوه ثلاثة أذكرها لك ، فقال : هو جاهل بصناعته ، وأبو عبيد الله أحذق الناس ، أو يقال : هو ظنين في الذي يتقلّده ، وأبو عبيد الله أعفّ الناس ، لو كانت بنات المهدي في حجره (١) لكان لهن موضعا ، أو يقال : هو يميل إلى أن يخالف السلطان فليس يؤتى أبو عبيد الله من ذلك ، إلّا أنه يميل إلى القول بالقدر ، وليس يتسلق عليه بذاك ، ويقال : هو متّهم في الله ، فعند أبي عبيد الله عقد وثيق ، ولكن (٢) هذا كله يجتمع لك في ابنه ، فتناوله الربيع ، فقبّل بين عينيه ، ثم دبّ (٣) لابن أبي عبيد الله ؛ فو الله ما زال يحتال ويدسّ إلى المهدي ويتّهمه ببعض حرم المهدي حتى استحكم عند المهدي الظنّة بمحمّد بن أبي عبيد الله ، فأمر ، فأحضر ، وأخرج أبو عبيد الله فقال : يا محمّد اقرأ ، فذهب ليقرأ ، فاستعجم عليه القرآن ، فقال : يا معاوية ، ألم تعلمني أن ابنك جامع للقرآن؟ قال : قد أخبرتك يا أمير المؤمنين ، ولكنه فارقني منذ سنين ، وفي هذه المدة التي نأى فيها عنّي ما نسّي القرآن ، قال : قم ، فتقرّب إلى الله بدمه ، قال : فذهب يقوم فوقع ، فقال العباس بن محمّد : إن رأيت يا أمير المؤمنين أن تعفي الشيخ ، قال : ففعل ، وأمر به [فأخرج](٤) فضربت عنقه.
قال : واتهمه المهدي في نفسه ، فقال له الربيع : قتلت ابنه ، وليس ينبغي أن يكون معك ، ولا أن تثق به ، قال : فأوحش المهدي ، وكان الذي كان من أمره ، وبلغ الربيع ما أراد ، واشتفى ، وزاد.
وذكر محمّد بن عبيد الله (٥) بن يعقوب بن داود قال : أخبرني أبي قال :
ضرب المهدي رجلا من الأشعريين فأوجعه ، فتغضب (٦) أبو عبيد الله له ، وكان مولى لهم ، وقال : القتل يا أمير المؤمنين أحسن من هذا ، فقال له المهدي : يا يهودي ، اخرج من معسكري ، لعنك الله ، فقال : ما أدري إلى أين أخرج إلّا إلى النار ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين :
__________________
(١) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن د ، و «ز» ، والطبري.
(٢) من قوله : متهم ... إلى هنا سقط من الطبري.
(٣) بالأصل ود : «رب» وفي «ز» : «رتب» والمثبت عن الطبري.
(٤) زيادة عن الطبري.
(٥) كذا بالأصل ود ، و «ز» : «عبيد الله» وفي الطبري : عبد الله.
(٦) في الطبري : فتعصب.