وعدد من قوم ليس لهم قائد ، قال : ويحك ، فما فعل الكناني؟ قال : لا يعرف ولده من الكبر ، فرد عليه مقالته ، وبعث إلى دار الضيافة ، فأتي بشبل (١) بن عبد الرّحمن المازني ، فقال له هشام : أخبرني عن نصر قال : ليس بالشيخ يخشى خرفه ، ولا الشاب يخشى سفهه ، المجرّب [المجرّب](٢) قد ولي عامة ثغور خراسان وحروبها قبل ولايته ، فكتب إلى يوسف بذلك ، فوضع يوسف الأرصاد ، فلما انتهوا إلى الموصل تركوا طريق البريد ، وتكأدوا حتى قدموا بيهق ـ وقد كتب إلى نصر بقول شبل (٣) ـ وكان إبراهيم بن بسام في الوفد ، فمكر به يوسف ، ونعى له نصرا ، وأخبره أنه قد ولّى الحكم بن الصّلت بن أبي عقيل خراسان ، فقسم له إبراهيم أمر خراسان كله حتى قدم عليه إبراهيم بن زياد رسول نصر ، فعرف أن يوسف قد مكر به ، فقال : أهلكني يوسف.
وقيل : إن نصرا أوفد مغراء وأوفد معه حملة بن نعيم الكلبي ، فلمّا قدموا على يوسف أطمع يوسف مغراء ، إن هو تنقصّ نصرا عند هشام أن يوليه السند ، فلمّا قدموا عليه ذكر مغراء بأس نصر ونجدته ، ورأيه ، أطنب في ذلك ، ثم قال : والله لو كان الله متّعنا منه ببقية ، فاستوى هشام جالسا ، ثم قال : ببقية ما ذا؟ قال : لا يعرف الرجل إلّا بجرمه ، ولا يفهم حتى يدنى (٤) منه وما يكاد يفهم من ضعف صوته من كبره ، فقام حملة الكلبي ، فقال : يا أمير المؤمنين ، كذب والله ، ما هو كما قال ، هو وهو ، فقال هشام : إنّ نصرا ليس كما وصفت ، وهذا من يوسف بن عمر .. حسد (٥) لنصر ، وقد كان يوسف كتب إلى هشام يذكر كبر نصر وضعفه ، ويذكر له سلم (٦) بن قتيبة ، فكتب إليه هشام : اله عن ذكر الكناني (٧) ، فلمّا قدم مغراء على يوسف قال : قد علمت بلاء نصر عندي ، وقد صنعت به ما قد علمت ، فليس لي في صحبته خير ، ولا لي بخراسان مقام ، فأمره بالمقام ، وكتب إلى نصر : إنّي قد حولت اسمه ، فأشخص إليّ من قبلك من أهله.
وقيل : إن يوسف لما أمر مغراء بعيب نصر ، قال : كيف أعيبه مع بلائه وآثاره الجميلة
__________________
(١) في تاريخ الطبري : شبيل.
(٢) زيادة عن الطبري للإيضاح.
(٣) الطبري : شبيل.
(٤) بالأصل : «بري» وإعجامها مضطرب في د ، و «ز» ، وم ، والمثبت عن الطبري.
(٥) بالأصل وبقية النسخ : حسدا ، والمثبت عن الطبري.
(٦) الأصل : سالم ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم ، والطبري.
(٧) بالأصل : «عن ذلك الرأي» وفي د ، وم : ذكر ال (ثم بياض) والمثبت عن الطبري.