وقال تعالى في حقّ موسى : ( لَنْ تَرانِي ... ) (١) .. و ( لن ) للنفي المؤبّد.
وإذا امتنعت الرؤية في حقّ موسى عليهالسلام ففي حقّ غيره أولى.
وقال تعالى : ( فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ... ) (٢) .. ولو جازت رؤيته لم يستحقّوا الذمّ ، ولم يوصفوا بالظلم.
وإذا كانت الضرورة قاضية بحكم ، ودلّ محكم القرآن أيضا عليه ، فقد توافق العقل والنقل على هذا الحكم .. و [ الأشاعرة ] (٣) قالوا بخلافه ، وأنكروا ما دلّت الضرورة عليه ، وما قاد القرآن إليه.
ومن خالف الضرورة والقرآن ، كيف لا يخالف العلم النظري والأخبار؟!
وكيف يجوز تقليده ، والاعتماد عليه ، والمصير إلى أقواله ، وجعله إماما يقتدون به؟!
وهل يكون أعمى قلبا ممّن يعتقد ذلك؟!
وأيّ ضرورة تقود الإنسان إلى تقليد هؤلاء الّذين لم يصدر عنهم شيء من الكرامات ، ولا ظهر عنهم ملازمة التقوى ، والانقياد إلى ما دلّت الضرورة عليه وقطعت به الآيات القرآنية؟! بل اعتمدوا مخالفة نصّ
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ : ١٤٣.
(٢) سورة النساء ٤ : ١٥٣.
وقد جاءت الآية الكريمة مشوّشة في المصدر ، هكذا : « فقالوا لن نؤمن لك حتّى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم » ، وهو خلط بين ثلاث آيات وقع من الناسخ قطعا ؛ والمثبت في المتن من الأصل وإحقاق الحقّ ؛ فلاحظ.
(٣) أثبتناه من إحقاق الحقّ.