حتّى أستوكر مربعا من مرابع الإسلام ، لم يسمعني فيه الزمان صيت هؤلاء اللئام.
وأستوطن مدينة أتّخذها دار هجرتي ، ومستقرّ رحلتي ، تكون فيها السنّة والجماعة فاشية ، ولم يكن فيها شيء من البدع والإلحاد ناشية.
وأتمسّك بسنّة النبيّ [ صلّى الله عليه وسلّم الرصين ] ( وآله وصحبه المرضيّين ) (١) ، وأعبد ربّي حتّى يأتيني اليقين.
فإنّ التمسّك [ بالسنّة ] عند فساد الأمّة طريق رشيد ، وأمر سديد ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : « من تمسّك بسنّتي عند فساد أمّتي فله أجر مائة شهيد » (٢).
فلمّا استقرّ ركابي بمدينة قاسان ، اتّفق لي مطالعة كتاب من مؤلّفات المولى الفاضل ، جمال الدين ابن المطهّر الحلّي ، غفر الله ذنوبه ، وقد سمّاه بكتاب « نهج الحقّ وكشف الصدق » ، قد ألّفه في أيّام دولة السلطان غياث الدين أولجايتو محمّد خدابنده ، وذكر أنّه صنّفه بإشارته.
وقد كان ذلك الزمان أوان فشو البدعة ، ونبغ نابغة الفرقة الموسومة ب : « الإمامية » من فرق الشيعة!
فإنّ عامّة الناس يأخذون المذاهب من السلاطين وسلوكهم ، والناس على دين ملوكهم ، إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وقليل
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « إبطال نهج الباطل ».
(٢) انظر مثلاً ـ وفي بعضها : « فله أجر شهيد » ـ : المعجم الأوسط ٥ / ٤٧١ ح ٥٤١٤ ، الكامل في ضعفاء الرجال ٢ / ٣٢٧ رقم ٤٦٠ ، حلية الأولياء ٨ / ٢٠٠ ، فردوس الأخبار ٢ / ٣٥٥ ح ٦٨٨٩ ، مصابيح السنّة ١ / ١٦٣ ح ١٣٩ ، الترغيب والترهيب ١ / ٤٥ ح ٥ ، مشكاة المصابيح ١ / ٩٧ ح ١٧٦ ، مجمع الزوائد ١ / ١٧٢ الجامع الصغير : ٥٤٩ ح ٩١٧١ ، كنز العمّال ١ / ١٨٤ ح ٩٣٦ وص ٢١٤ ح ١٠٧١.