والجسمية ، ولذا أنكر على أهل التنزيه كما ذكره الرازي ، وذلك كاف في نقص أحمد ، إذ صار من المشكّكين في ما لا يشكّ فيه ذو معرفة.
وأمّا ما ذكره من أنّ نصّ القرآن يوافقهم ..
فحاصله : إنّ الآية الكريمة نصّ في أنّ الراسخين في العلم جاهلون بالمتشابهات ، ويكلون علمها إلى الله تعالى ، بدعوى أنّ قوله تعالى : ( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ) (١) جملة مستأنفة ، ولا أظنّ عارفا يرضى به وينكر أن يكون ( الرَّاسِخُونَ ) عطفا على لفظ الجلالة.
كيف؟! وذلك يستلزم ـ بعد مخالفة الظاهر ـ أن يكون علم التأويل مختصّا بالله تعالى ، فيكون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مرسلا بما يجهله وما يخلو عن الفائدة له ولأمّته! ومخطئا في قوله بحقّ أمير المؤمنين عليهالسلام : إنّه عالم علم الكتاب (٢).
وظنّي أنّ الداعي لهم إلى مخالفة الظاهر ، والتزام هذه المحاذير ، هو إنكار فضل آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّهم لو أقرّوا بأنّ قوله : ( وَالرَّاسِخُونَ ) عطف على لفظ الجلالة ، لم يمكنهم إنكار أنّ العترة من الراسخين في العلم ، العالمين بمتشابه القرآن ، بعد أن أخبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّهم قرناء
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ٧.
(٢) هذا إشارة إلى تفسير قوله تعالى : ( قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) سورة الرعد ١٣ : ٤٣.
انظر : مناقب الإمام عليّ عليهالسلام ـ للمغازلي ـ : ٢٦٢ ح ٢٥٨ ، شواهد التنزيل ـ للحسكاني ـ : ١ / ٣٠٧ ـ ٣١٠ ح ٤٢٢ ـ ٤٢٧ ، زاد المسير ٤ / ٢٦١ ، تفسير القرطبي ٩ / ٢٢٠ ، مجمع البيان ٦ / ٥٠ ، وانظر : ينابيع المودّة ١ / ٣٠٥ ـ ٣٠٨ ح ١ ـ ١٣.