وقد عاب الله على الجاهلية الكفّار في ذلك ، فقال عزّ من قائل : ( وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً ) (١).
وأيّ تغفّل أبلغ من تغفّل من يتبرّك بمن يتعبّد الله بما عاب عليه الكفّار؟! ( فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) (٢).
ولقد شاهدت جماعة من الصوفية في حضرة مولانا الحسين صلوات الله عليه ، وقد صلّوا المغرب سوى شخص واحد منهم ، كان جالسا لم يصلّ ، ثمّ صلّوا بعد ساعة العشاء سوى ذلك الشخص ، فسألت بعضهم عن ترك صلاة ذلك الشخص ، فقال : وما حاجة هذا إلى الصلاة وقد وصل؟!
أ يجوز أن يجعل بينه وبين الله حاجبا؟!
فقلت : لا.
فقال : الصلاة حاجب بين العبد والربّ!
فانظر أيها العاقل إلى هؤلاء! وعقائدهم في الله تعالى كما تقدّم ، وعبادتهم ما سبق ، واعتذارهم في ترك الصلاة كما مرّ ، ومع ذلك فإنّهم عندهم الأبدال ، فهؤلاء أجهل الجهّال.
* * *
__________________
(١) سورة الأنفال ٨ : ٣٥.
والمكاء : الصفير ؛ انظر : الصحاح ٦ / ٢٤٩٥ ، لسان العرب ١٣ / ١٦٤ مادّة « مكا ».
والتصدية : التصفيق ؛ انظر : الصحاح ٦ / ٢٣٩٩ ، لسان العرب ٧ / ٢٩٨ ، مادّة « صدي / صدد ».
(٢) سورة الحجّ ٢٢ : ٤٦.