العرف ماء واحدا باعتبار اتّصالها وصدق اسم الماء على المتّصل ، كماء الشطّ.
ولم سلّم ، فالعقل الضروري يحكم بأنّه من توارد الأمثال ، وأنّ الوحدة خيالية بسبب إدراك البصر أو غيره من الحواسّ للمادّة وتدافعها.
وأمّا جالس السفينة ، فهو وإن رأى أحيانا سكون الماء لاتّفاق السفينة والماء في السير ، لكنّ البصر نفسه يراه متحرّكا في أغلب الأوقات ، بل يراه متحرّكا فعلا عند التدقيق ، فيحكم العقل بأنّ ذلك السكون الاتّفاقي خيالي ؛ فكيف يقاس على ذلك مشاهدة البصر لوحده ، مثل السواد في الثوب ، التي لا يخالفها الحسّ في وقت أو حال؟!
وبالجملة : لا ننكر غلط الحسّ أحيانا ، ولكن ننكر عدم اعتباره في أجلى الأمور وأوضحها عند العقل.
وأمّا ما صوّر به سابقا مذهب السوفسطائية ، فقد عرفت فيه الكلام (١).
وأمّا ما أجاب به عن أوّل المحالات ، من أنّ الأشخاص تتمايز بهويّاتها لا بمشخّصاتها ... ففيه :
إنّ إيراد المصنّف إنّما هو من باب الإلزام لهم ، إذ يقولون بالجواهر الفردة (٢) ، فلم يكن لذات الإنسان هويّة واحدة ، وكذلك كلّ جسم ، فلا بدّ أن يكون تمايز الأفراد بالمشخّصات الخارجة.
أمّا إذا التزم بتمايز الأشخاص بتمايز الهويّات ، فلينكر الجواهر
__________________
(١) انظر الصفحة ٧٨ من هذا الجزء.
(٢) انظر : طوالع الأنوار : ١٣٣ ، شرح المقاصد ٣ / ٥ ، شرح العقائد النسفية : ٧٧.