فإنّ الإنسان إذا اجتهد بفعل الخير كان محلّا للتوفيق ، وإذا أصرّ على الشرّ كان أهلا للخذلان ، وآل أمره إلى النفاق والكفر ، كما قال تعالى : ( فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً ) (١) وقال تعالى : ( ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ ... ) (٢) ، ولا قرينة على إنّ المراد بالإضلال والهداية في الآية ما ادّعاه ، بل القرينة على خلافه عقلا ونقلا ..
أمّا العقل : فلأنّ ذلك يستلزم إبطال الثواب والعقاب ، ونفي العدل ، وفائدة الرسل والكتب ، والأوامر والنواهي ـ كما ستعرف إن شاء الله تعالى ـ ، ولأنّه لا يحسن لمن ينهى عن شيء أن يفعله ، ولذا قال شعيب : ( ما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ ) (٣) ..
وقال الشاعر :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم (٤) |
وأمّا النقل : فقوله تعالى : ( إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى ) (٥) ، ومن عليه الهدى كيف يتركه ويخلق الضلال؟! ..
وقوله تعالى : ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ... ) (٦).
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٧٧.
(٢) سورة الروم ٣٠ : ١٠.
(٣) سورة هود ١١ : ٨٨.
(٤) البيت من قصيدة لأبي الأسود الدؤلي ، مطلعها :
حسدوا الفتى إذ لم
ينالوا سعيه |
|
فالقوم أعداء له
وخصوم |
انظر : ديوان أبي الأسود الدؤلي : ١٢٩ ـ ١٣٢ ، خزانة الأدب ٨ / ٥٦٨.
(٥) سورة الليل ٩٢ : ١٢.
(٦) سورة فصّلت ٤١ : ١٧.