فإنّه لا فعل لي بزعمكم ، والخالق لشركي هو الله فرغّبوه دوني!
وكذا الكلام في بقية الفقرات التي أراد بها أنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ، وموّه فيها بإظهار ما ينصرف إلى غيرها.
ويزيد إشكالا قوله : « هو الفاعل المختار » ؛ لأنّ الله سبحانه عندهم موجب لصفاته فلا يكون مختارا على الإطلاق.
وبالجملة : هذه الفقرات بالنظر إلى ما عدا أفعال العباد مشتركة بين المذهبين ، وبالنظر إلى أفعال العباد قد موّه بها ، فلا معنى لذكرها في مقام التفاضل.
وأمّا قوله : « دبّر أمور الكائنات في أزل الآزال » ..
فإن أراد به أنّه أجراها على موازينها وقام بشؤونها ، فهو ليس في الأزل ، بل حين خلقها وأوجدها ، وإن أراد أنّه تروّى بها ورتّب كيفية خلقها ، فهو باطل ؛ لأنّه غني عن التروّي ، عالم بكلّ شيء في الأزل ، فإذا أراد شيئا قال له : ( كُنْ فَيَكُونُ ) (١) ، بلا إجالة فكر.
وأمّا قوله : « ثمّ خلقهم وأمرهم ونهاهم ».
فهو من الفضول في مقام التفاضل ؛ لاشتراك القول به بين الجميع.
وأمّا قوله : « وأفعاله حكمة وصواب ، ولا قبيح في فعله ».
فهو ممّا أريد به خلاف ظاهره ، فإنّ ظاهره تنزيه وخير ، ولكنّه تأبّط شرّا ؛ لأنّه لو صرّح للمشرك بأنّ من أفعاله الزنا ، واللواط ، وظلم الناس بعضهم بعضا ، والإفساد في الأرض ، وجميع الفتن ، لجزم بأنّها ليست
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١١٧ ، سورة آل عمران ٣ : ٤٧ و ٥٩ ، سورة الأنعام ٦ : ٧٣ ، سورة النحل ١٦ : ٤٠ ، سورة مريم ١٩ : ٣٥ ، سورة يس ٣٦ : ٨٢ ، سورة غافر ٤٠ : ٦٨.