وقال الفضل (١) :
قد سبق أنّ ذمّ العباد على الكفر ؛ لكونهم محلّ الكفر والكاسبين المباشرين له.
والإنكار والتوبيخ في قوله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ ) (٢) ؛ لكسبهم الكفر ، وهم غير عاجزين عن الكسب ؛ لوجود القدرة على الكسب ، وإن كانوا عاجزين عن دفع الكفر عنهم بحسب الإيجاد والخلق.
والأوّل كاف في ترتّب التوبيخ على فعلهم.
وأمّا ما ذكر من أنّ مذهبهم أنّ الله تعالى خلق الكفر في الكافر وأراده منه ، وهو لا يقدر على غيره ، فكيف يوبّخه عليه؟!
فقد ذكرنا جوابه في ما سبق أنّ التوبيخ باعتبار الكسب والمحلّيّة ، لا باعتبار التأثير والخالقيّة (٣).
وقد ذكرنا في ما سبق أنّ هذا يلزمهم في العلم بعينه (٤).
وكذا حكم باقي ما ذكر من الآيات المشتملة على توبيخ الله تعالى عباده بالشرك والمعاصي ، فإنّ كلّ هذه التوبيخات متوجّهة إلى العباد باعتبار المحلّيّة والكسب ، لا باعتبار الخلق.
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٤٧.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٨.
(٣) راجع الصفحتين ١٣١ و ١٥٥.
(٤) راجع الصفحة ١٣٧.