وقال الفضل (١) :
في هذا الفصل استدلّ بأشياء عجيبة ينبغي أن يتّخذه الظرفاء ضحكة لهم.
منها : إنّه استدلّ بلزوم انسداد باب إثبات الصانع وكونه صادقا والاستدلال بصحّة النبوّة على كون العبد موجد أفعاله.
وذكر في وجه الملازمة شيئا غريبا عجيبا ، وهو أنّا نستدلّ على حدوث العالم بكونه محتاجا إلى المحدث قياسا على أفعالنا المحتاجة إلينا ، فمن منع حكم الأصل في القياس وهو كون العبد موجدا ، لا يمكنه استعمال هذه الطريقة ، وإثبات هذه الملازمة من المضاحك ..
أمّا أوّلا : فلأنّه حصر حادثات العالم في أفعال الإنسان ، ولو لم يخلق الإنسان وأفعاله أصلا كان يمكن الاستدلال بحركات الحيوان وسائر الأشياء الحادثة بوجوب وجود المحدث ، وكأنّ هذا الرجل لم يمارس قطّ شيئا من المعقولات!
والحقّ أنّه ليس أهلا لأن يباحث لدناءة رتبته في العلم ، ولكن ابتليت بهذا مرّة فصبرت.
وأمّا ثانيا : فلأنّه استدلّ بلزوم عدم كونه صادقا على كون العبد موجد فعله ، ولم يذكر هذه الملازمة ؛ لأنّ النسبة بينه وبين هذه الملازمة بعيدة جدّا.
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٦٧.