وقال الفضل (١) :
قد عرفت في ما سبق مذهب الأشاعرة في عدم صدور القبيح من الله تعالى ، وأنّ إجماع الملّيّين منعقد على أنّه تعالى لا يفعل القبيح .. فكلّ ما أقامه من الدلائل قد ذكرنا أنّه إقامة الدليل في غير محلّ النزاع ، فإنّ المدّعى شيء واحد.
وهم يسندونه بالقبح العقلي.
والأشاعرة يسندونه إلى أنّه لا قبيح منه ولا واجب عليه (٢).
ثمّ إنّ المعتزلة لو أرادوا من نسبة فعل القبيح إليه تعالى أنّه يخلق القبائح من أفعال العباد ـ على رأي الأشاعرة ـ فهذا شيء يلزمهم ؛ لأنّ القبائح من الأشياء كما تكون في الأعراض كالأفعال ، تكون في الجواهر والذوات .. فالخنزير قبيح ، والعقرب والحيّة والحشرات قبائح ، وهم متّفقون أنّ الله يخلقهم.
فكلّ ما يلزم الأشاعرة يلزمهم في خلق القبائح الجوهريّة.
وإن أرادوا أنّه يفعل القبائح ، فإنّ هذا شيء لم يلزم من كلامهم ولا هو معتقدهم كما صرّحنا به مرارا.
* * *
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ١ / ٤٠٣.
(٢) انظر الصفحة ٧ من هذا الجزء.