وأقول :
لا تنفعهم الاصطلاحات الصرفة ، وأنّ الخلق غير الفعل ـ كما سبق (١) ـ.
ولو سلّم ، فالمصنّف يلزمهم بأنّه إذا كان الله تعالى خالقا للقبائح كالظلم والعبث ، فقد جاز أن تكون مخلوقاته كلّها منها ، فلا يكون في الكون إلّا ما هو من جنس العبث والظلم واللواط والزنا والقيادة والفساد في الأرض ونحوها ، فإذا جاز ذلك عندهم ، فقد جوّزوا أن يكون الله سبحانه عابثا ظالما ، إذ لا شكّ لكلّ عاقل أنّ من تكون مخلوقاته هكذا لا غير ، يكون عابثا ظالما ؛ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
وقوله : « لا قبيح بالنسبة إليه » ؛ قد عرفت أنّه باللغو أشبه (٢).
وأمّا ما زعمه من أنّ خالق الصفة غير المتّصف بها ..
ففيه : إنّه عليه لا يصحّ وصف الله تعالى بالصفات الفعلية ، فلا يقال له : هاد ورحمن ورازق ؛ لأنّ الهداية والرحمة والرزق مخلوقة له ، ولا محيي ولا مميت ولا معزّ ولا مذلّ .. إلى غير ذلك.
فالحقّ أنّ الصفات منها ما يكون التلبّس بمبدئها باعتبار إيجاده ، كالظالم والعابث والأبيض والهادي والمحيي والضارب ، ونحوها.
ومنها : ما يكون التلبّس به باعتبار قيامه وحلوله بالموصوف ،
__________________
(١) تقدّم في الصفحة ٩ من هذا الجزء.
(٢) انظر ردّ الفضل في الصفحة ٧ وردّ الشيخ المظفّر قدسسره عليه في الصفحة ٩ من هذا الجزء ، وانظر كذلك ردّ الشيخ المظفّر في ج ٢ / ٢٦١ وما بعدها.