قال المصنّف ـ رفع الله درجته ـ (١) :
وأمّا الثاني : فلأنّ كون الفعل طاعة أو معصية ، إمّا أن يكون نفس الفعل في الخارج ، أو أمرا زائدا عليه.
فإن كان الأوّل ، كان أيضا من الله تعالى ، فلا يصدر عن العبد شيء ، فيبطل العذر.
وإن كان الثاني ، كان العبد مستقلّا بفعل هذا الزائد.
وإذا جاز إسناد هذا الفعل ، فليجز إسناد أصل الفعل!
وأيّ ضرورة للتمحّل بمثل هذه المحاذير الفاسدة التي لا تنهض بالاعتذار؟!
وأيّ فارق بين الفعلين؟! ولم كان أحدهما صادرا عن الله تعالى والآخر صادرا عن العبد؟!
وأيضا دليلهم آت في هذا الوصف ، فإن كان حقّا عندهم امتنع إسناد هذا الوصف إلى العبد ، وإن كان باطلا امتنع الاحتجاج به.
وأيضا كون الفعل طاعة ، هو كون الفعل موافقا لأمر الشريعة ، وكونه موافقا لأمر الشريعة إنّما هو شيء يرجع إلى ذات الفعل ، إن طابق الأمر كان طاعة ، وإلّا فلا.
وحينئذ لا يكون الفعل مستندا إلى العبد ، لا في ذاته ، ولا في شيء من صفاته ، فينتفي هذا العذر أيضا كما انتفى عذرهم الأوّل.
__________________
(١) نهج الحقّ : ١٢٧.