وأقول :
كم للمعتزلة من أصل خالفوا فيه العقل والنقل! كقولهم : إنّ الإمامة بالاختيار(١).
وكم لهم من أصل دلّ عليه العقل والنقل كالأصل الذي نحن فيه! وذلك لأنّ لهم ميلا إلى طريقة أمير المؤمنين ، وهوى بموالاة أعدائه.
ولذا أصابوا الحقّ في أصل هذا الأصل ، وأخطأوا في كيفيّاته ، ولو فسد الأصل بالاختلاف في جهاته لفسد الإسلام باختلاف أهله.
والأشاعرة لما جانبوا باب مدينة العلم وخالفوه بتمام جهدهم ، لم يجتمعوا مع شيعة الحقّ في كلّ الأصول المهمّة ، ولم يأخذوا بما أمروا به من التمسّك بأهل بيت العصمة.
وممّا خالفوا فيه صريح الحقّ وحكم العقل والنقل ، هذا الأصل ، بحجّة أنّ المالك المطلق يجوز له التصرّف كيف شاء بلا حدّ ولا نهاية ، ولا يلزمه بتصرّفه شيء من الأشياء.
فإن أرادوا أنّ جواز تصرّفه كذلك نفس معنى الملكية المطلقة ، فهو ظاهر البطلان ؛ لأنّ الملكية سلطنة وأمر نسبي اعتباري.
وإن أرادوا به أنّه من أحكامها وآثارها ، فهو عين المدّعى ، ومحلّ الكلام.
وكيف يكون من أحكامها جواز تعذيب العبد بلا ذنب ، وإيلامه
__________________
(١) انظر : شرح الأصول الخمسة : ٧٥٣.