وأقول :
لا يخفى أنّ عندنا مسألتين :
الأولى : إنّه هل يمكن ترجّح أحد طرفي الممكن على الآخر برجحان ناش عن ذات الممكن ، غير منته إلى حدّ الوجوب ، بحيث يجوز أنيوجد ممكن بذلك الرجحان من غير احتياج إلى فاعل ، فينسدّ باب إثبات الصانع أو لا يمكن؟
لا ريب أنّه لا يمكن ؛ لأنّ فرض إمكان الشيء يقتضي جواز وقوع الطرفين بالنظر إلى ذاته.
وفرض مرجوحية أحد الطرفين بالنظر إلى ذاته ، يقتضي امتناع وقوع المرجوح ؛ لامتناع ترجّح المرجوح بالضرورة.
ولذا قال نصير الدين قدسسره في « التجريد » : « ولا يتصوّر الأولوية لأحد الطرفين بالنظر إلى ذاته » (١).
الثانية : إنّه هل يمكن ترجيح الفاعل لأحد الطرفين بمرجّح لا ينتهي إلى حدّ الوجوب ـ كما ذهب إليه جماعة من المتكلّمين (٢) ونقله المصنّف عنهم ـ أو لا يمكن؟
ودليل الأشاعرة من فروع هذه المسألة ، ومبنيّ على عدم إمكان الترجيح بذلك المرجّح ، وهو ممنوع ؛ لأنّ إمكان وقوع الفعل لأجله وكفايته
__________________
(١) تجريد الاعتقاد : ١١٣.
(٢) راجع ما تقدّم انفا في الصفحة ٢٧٢.