وأمّا ثالثا : فلأنّه استدلّ بلزوم انسداد باب صحّة النبوّة ، وصحّة الشريعة على كون العبد موجد فعله ؛ ومن أين يفهم هذه الملازمة؟!
ثمّ ادّعى الإفضاء إلى خرق الإجماع ..
وكلّ هذه الاستدلالات خرافات وهذيانات لا يتفوّه بها إلّا أمثاله في العلم والمعرفة.
ثمّ استدلّ على بطلان كونه خالقا للقبائح بلزوم عدم امتناع إظهار المعجز على يد الكاذب ، وقد استدلّ قبل هذا بهذا مرارا وأجبناه في محالّه (١).
وجواب هذا وما ذكر بعده من ترتّب الأمور المنكرة على خلق القبائح ، مثل : ارتفاع الثقة من الشريعة والوعد والوعيد وغيرها : إنّا نجزم بالعلم العادي وبما جرى من عادة الله تعالى أنّه لم يظهر المعجزة على يد الكاذب ، فهو محال عادة كسائر المحالات العادية ، وإن كان ممكنا بالذات ؛ لأنّه لا يجب على الله تعالى شيء على قاعدتنا.
فكلّ ما ذكره من لزوم جواز تزيين الكفر في القلوب عوض الإسلام ، وأنّ ما عليه الأشاعرة من اعتقاد الحقّيّة يمكن أن يكون كفرا وباطلا فلا يستحقّون الجواب ..
فجوابه : إنّ جميع هؤلاء لا يقع عادة كسائر العاديّات ، ونحن نجزم بعدم وقوعه ، وإن جاز عقلا ، حيث لا يجب عليه شيء ، ولا قبيح بالنسبة إليه.
* * *
__________________
(١) انظر الصفحات ١١ و ١٢ و ٤٩ و ٥٢ من هذا الجزء.