هلا كففتم عن «الديباج» سوطكم؟ |
|
وعن بنات «رسول الله» شتمكم؟ (١) |
أما إذا وقع المستقبل بعد أي أداة من الأدوات السابقة فإن معنى التحضيض يخرج إلى الحث في طلب الشيء ، كقول المعلم لتلميذه الذي لا يظهر اجتهادا : لو لا تجتهد؟ ولمن لا يصغي إليه أثناء شرح الدرس : لو ما تصغي إليّ؟ ولمن ينقطع عن المدرسة أحيانا : ألّا تواظب على الحضور إلى المدرسة؟ ولمن يقرأ من غير جدّ : هلّا تقرأ خيرا من ذلك؟
فالتحضيض في كل هذه المعاني قد خرج إلى الحث أو الاستحثاث على الفعل ، وذلك لوقوع الفعل المستقبل بعد أدوات التحضيض. ومما ورد من ذلك في القرآن الكريم قوله تعالى : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ؟) وفي هذا شاهد على وقوع الفعل المستقبل بعد أداة التحضيض فأفاد طلب الفعل بحثّ ، وقد خرج الاستفهام هنا إلى معنى الأمر ، أي «إيتنا بالملائكة».
وقد يلي الفعل الماضي أداة التحضيض فلا يفيد اللوم والتوبيخ وإنما يفيد الطلب بحث ، وذلك لأن الماضي في تأويل الفعل المستقبل ، نحو قوله تعالى : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ؟ ،) إذ المعنى : لو لا تأخرني إلى أجل قريب؟
وقد تستعمل أداة العرض «ألا» المفتوحة الهمزة المخففة اللام للتحضيض إذا دلت على طلب الفعل بحثّ نحو قوله تعالى : (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا) أيمانكم؟ ، وكقولك لمن يخلف الوعد : ألا تفي بوعدك؟ ولمن يضيع وقته سدى : ألا تملأ وقتك بعمل نافع؟ وهكذا ...
* * *
تلك هي أهم المعاني الزائدة التي قد يخرج الاستفهام عن معناه الحقيقي لأدائها عن طريق قرائن تستفاد من سياق الكلام.
وقد ذكر ابن فارس في كتابه «الصاحبي في فقه اللغة» معاني أخرى
__________________
(١) الديباج : محمد بن عبد الله ، وسمي «الديباج» لحسنه ، ضربه المنصور ثمانين سوطا على رأسه. انظر ديوان أبي فراس ج ٣ ص ٣٥٢ طبعة سامي الدهان.