ومن أمثلة حذفه لإنشاء الذم «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» برفع الرجيم ، أي هو الرجيم. ومنه قول الأقيشر في ذم ابن عم له موسر سأله فمنعه ، فشكاه إلى القوم وذمه ، فوثب إليه ابن عمه ولطمه :
سريع إلى ابن العم يلطم وجهه |
|
وليس إلى داعي الندى بسريع |
حريص على الدنيا مضيع لدينه |
|
وليس لما في بيته بمضيع |
يريد : هو سريع إلى ابن العم ، وهو حريص على الدنيا ، وهو مضيع لدينه. ومن أمثلته في الترحم : اللهم ارحم عبدك المسكين برفع المسكين ، أي : هو المسكين.
دواعي حذف المسند إليه إذا كان فاعلا :
والدواعي أو الأغراض التي تدعو المتكلم إلى حذف الفاعل كثيرة جدا ، ولكنها على كثرتها لا تخلو من أن سببها إما أن يكون شيئا لفظيا أو معنويا.
فمن الدواعي اللفظية لحذف الفاعل القصد إلى الإيجاز في العبارة نحو قوله تعالى : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ،) أي : بمثل ما عاقبكم المعتدي به ، ولما كان في الكلام قرينة تدل على الفاعل ، فقد اقتضت البلاغة حذفه مراعاة للإيجاز وإقامة المفعول مقامه.
ومنها المحافظة على السجع في الكلام المنثور نحو قولهم : من طابت سريرته حمدت سيرته ؛ إذ لو قيل «حمد الناس سيرته» لاختلف إعراب الفاصلتين «سريرته وسيرته».
ومنها المحافظة على الوزن في الكلام المنظوم كما في قول الأعشى ميمون بن قيس :
علّقتها عرضا وعلّقت رجلا |
|
غيري وعلّق أخرى غيرها الرجل (١) |
فالأعشى هنا قد بنى الفعل «علّق» ثلاث مرات للمجهول ، لأنه لو
__________________
(١) التعليق : المحبة ، وعرضا : أي من غير قصد مني ، ولكنها عرضت لي فأحببتها وهويتها.