فالفصاحة أعم والبلاغة أخص ، فكل فصيح بليغ ، وليس كل بليغ فصيحا.
وتتمثل فصاحة اللفظ أو المفرد في خلوه من ثلاثة أمور : تنافر الحروف ، والغرابة ، ومخالفة القياس.
فتنافر الحروف هو في مثل لفظة «مستشزرات» من قول امرىء القيس :
غدائره مستشزرات إلى العلا |
|
تضل العقاص في مثنّى ومرسل |
فالشاعر هنا يصف غزارة شعر حبيبته ، فيقول : إن حبيبته لكثرة شعرها بعضه مرفوع ، وبعضه مثنى ، وبعضه مرسل ، وبعضه معقوص ملوى بين المثنى والمرسل.
وموضع الشاهد على التنافر هنا هو لفظة «مستشزرات» بمعنى «مرتفعات» فهي لفظة مستكرهة لثقلها على اللسان وعسر النطق بها. فتنافر الحروف فيها أدى إلى ثقلها وصعوبة التلفظ بها ، وهذا بدوره أنقص من فصاحتها وقلل من فصاحة البيت وجماله. ولا ضابط لمعرفة الثقل والصعوبة في اللفظ سوى الذوق السليم المكتسب بطول النظر في كلام البلغاء وممارسة أساليبهم.
وغرابة اللفظ أو المفرد مثل لفظة «مسرجا» بتشديد الراء التي وردت في بيت من أرجوزة طويلة لرؤبة بن العجاج يقول فيها :
والسخط قطاع رجاء من رجا |
|
أزمان أبدت واضحا مفلّجا |
أغر براقا وطرفا أبرجا |
|
ومقلة وحاجبا مزججا |
وفاحما ومرسنا مسرّجا |
|
وكفلا وعثا إذا ترجرجا |
فالفاحم هنا الأسود ، وأراد به الشاعر شعرا أسود فاحما ، والمرسن الأنف الذي يشد بالرسن ثم استعير لأنف الإنسان ، أما مسرجا وهي اللفظة الغريبة هنا فمختلف في تخريجها ، فقيل من سرّجه تسريجا ، أي