٣ ـ ذكر العام بعد الخاص : والغرض من ذلك هو إفادة العموم مع العناية بشأن الخاص ، نحو قوله تعالى : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ). فلفظ «لي ولوالدي» زائد في الآية لدخول معناه في عموم المؤمنين والمؤمنات ، فهذان اللفظان «المؤمنين والمؤمنات» لفظان عامان يدخل في عمومهما من ذكر قبل ذلك ، أي (لِي وَلِوالِدَيَ) لإفادة العموم مع العناية بالخاص لذكره مرتين : مرة وحده ومرة مندرجا تحت العام.
* * *
٤ ـ التكرير لداع : والمراد به تكرير المعاني والألفاظ ، وحدّه هو دلالة اللفظ على المعنى مردّدا. وقد سبقت الإشارة إلى رأي ابن الأثير في الفرق بينه وبين الإطناب والتطويل ، ومتى يلحق بأيّ من هذين.
والتكرير المفيد يأتي في الكلام تأكيدا له وتشديدا من أمره ، وإنما تفعل ذلك للدلالة على العناية بالشيء الذي كررت فيه كلامك إما مبالغة في مدحه أو ذمه أو غير ذلك.
ودواعي الإطناب بالتكرير كثيرة منها :
أ ـ تأكيد الإنذار : نحو قوله تعالى : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) فقوله : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) الأولى هي زجر وإنذار لهؤلاء الذين ألهاهم التكاثر في الدنيا عن العمل للآخرة. وفي تكرير قوله تعالى : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) تأكيد لهذا الإنذار. وهذا هو المعنى الزائد الذي أفاده إطناب التكرير هنا.
ب ـ التحسر : كقول الحسين بن مطير يرثى معن بن زائدة :
فيا قبر معن أنت أول حفرة |
|
من الأرض خطت للسماحة موضعا |
ويا قبر معن كيف واريت جوده |
|
وقد كان منه البر والبحر مترعا |
فالغرض من تكرير «يا قبر معن» هو إظهار الأسى والتحسر على معن.