الأساطيل الإنكليزيّة والروسيّة والنمساويّة المدينة ، استفاد العثمانيّون من موقع الهضبة ليشيّدوا ، بإيعاز من والي سوريا راشد باشا ، وفي عهد السلطان عبد المجيد الأوّل ، ثكنة عسكريّة ، أو قشلة باللغة المحكيّة ، أو قشلاق باللغة التركيّة ، وكان موقع التلّة الغربيّة المشرفة على البحر استراتيجيّا لبناء" القشلة" ، وقد عرفت المحلّة ب" تلّة السرايا". وفي سنة ١٨٥٥ أمر السلطان عبد المجيد الأوّل ببناء مستشفى عسكري شمال" القشلة" ، وهو المبنى الذي حوّل سنة ١٩٤٥ إلى مقرّ للعدليّة ، ومن ثمّ إلى مقرّ لكليّة الفنون الجميلة التابعة للجامعة اللبنانيّة في سنة ١٩٦٥ ، إلى أن أصبح سنة ١٩٩٢ مقرّا لمجلس الإنماء والإعمار بعدما أعيد ترميمه وتأهيله. وإثر أحداث ١٨٦٠ شكّل فؤاد باشا محكمة عرفت باسم" مجلس محاكمات فوق العادة" اتّخذت مقرّا لها في" القشلة" لإجراء التحقيقات والمحاكمات. وبعد إعلان بيروت ولاية سنة ١٨٨٨ تمتدّ من اللاذقيّة شمالا حتّى نابلس جنوبا ، تحوّلت" القشلة" مركزا لوالي بيروت. وبدأت هذه الهضبة تستقطب أعيان بيروت ، لا سيّما منطقة زقاق البلاط المحاذية لمنطقة الثكنات ، الذين سارعوا إلى بناء مساكنهم بالقرب منها. وهكذا أصبحت محلّة" الثكنات" مجمّعا لمساكن أعيان البلد من الوجهاء والعلماء وكبار الموظّفين. ومنذ ذلك الحين تحوّل اسم" القشلة" إلى اسم" السرايا الكبيرة" تمييزا لها عن" السرايا الصغيرة" التي كانت قائمة شمال ساحة البرج والتي هدمت سنة ١٩٥١. وسنة ١٨٩٧ شيّدت بلديّة بيروت برجا عاليا بجوار السرايا ووضعت فيه ساعة كبيرة تذكارا لعيد جلوس السلطان عبد الحميد الثاني ، سمّي" برج الساعة الحميديّة". وفي سنة ١٨٩٩ أضيف القرميد إلى سطح الطبقة الأولى ، وهو الذي أعطى مبنى السرايا الشكل النهائي الذي عرف عنه في القرن العشرين. وبقيت السرايا مقرّا لمن تولّوا حكم بيروت من المتصرّفين والولاة. وكان آخر من سكنها منهم