بيروت بين الفرنجة وصلاح الدين
بقيت بيروت في أيدي العرب حتّى مجيء الصليبيّين إلى بلاد الشرق ، وكانت يومئذ في عهدة التّنوخيين الذين أرسلهم العبّاسيّون إلى لبنان لحماية الشواطئ من غزوات الإفرنج ، ولمّا مرّ الصليبيّون ببيروت بطريقهم إلى القدس سنة ١٠٩٩ ، قدّم لهم متسلّم المدينة حاجاتهم ، فتجاوزوها إلى أورشليم ، ثمّ ارتدّ إليها بغدوين ، ثاني ملوك الفرنجة في القدس ، فافتتحها بعد حصار شديد سنة ١١١٠. وقد بنى الصليبيّون في بيروت المعابد والمباني وحصّنوا أسوارها ووسّعوا نطاق تجارتهم فيها مع الغرب. وبعد حصار لم يدم أكثر من ثمانية أيّام ، فتح صلاح الدين الأيّوبي بيروت سنة ٥٨٣ ه / ١١٨٧ م. بعد أن سأله الإفرنج الذين فيها الأمان فأمّنهم ، فنقلوا إلى صور. ثمّ عادوا فتملّكوها لمّا كان واليها أسامة بن منقذ سنة ٥٩٣ ه / ١١٩٧ م. وبقيت بيدهم هذه المرّة أقلّ من مائة سنة بقليل. وكانت بيروت في خلال حكم الصليبيّين سنيوريّة تابعة لمملكة بيت المقدس ، وكان نهر المعاملتين يفصل بين إمارة بيروت آخر سنيوريّات بيت المقدّس شمالا عن كونتيّة طرابلس ، وقد دلّت وثيقة هدنة لعشر سنوات بين ملكة بيروت الصليبيّة وبين السلطان المملوكي الملك الظاهر ركن الدين بيبرس وقّعت سنة ٦٦٧ ه / ١٢٨٦ م. أنّها كانت ضمن مملكة بيروت الصليبيّة التي كانت تمتدّ من حدود جبيل إلى حدود صيدا ، وتضمّ مناطق" جونية ـ الجديدة ـ العصفوريّة ـ سن الفيل ـ الشويفات وورد اسمها السرح والشويف ـ إنطلياس ـ الناعمة ـ البوشريّة وورد اسمها البشريّة ـ الدكوانة وورد اسمها الدكوانة وبرج قراجار ـ بسوس وورد اسمها حسوس ـ فقّي وورد اسمها رأس الفيقه ـ المنصوريّة وورد اسمها النصرانيّة ـ بيروت ـ وطى المصيطبة وورد اسمها الوطى المعروف بمدينة بيروت. ويستدلّ من هذه الوثيقة وسواها أنّ سنيوريّة أو إمارة بيروت كانت تمتدّ من نهر