جارفا ، أمّا في الصيف فتحوّل مياهه لريّ البساتين قبل وصولها إلى بيروت ، فيجف مجراه عند مصبّه. وأكثر الباحثين قد ارتأوا أنّ هذا النهر هو الذي دعاه بلّينوس الطبيعي" نهر ماغوراس" وأنّه كان من أنهار الفينيقيّين المقدّسة ، دعوه بذلك من إسم الإله" ماغر" وهو اسم زحل بلغتهم. إلّا أنّ باحثين آخرين قد عارضوا هذا الرأي. وعلى هذا النهر قناطر قديمة تعرف بقناطر زبيدة كانت تستخدم لجرّ قسم من مياهه إلى بيروت ، وقد ذكرها الأب لامنس على أنّها قناة ضخمة تجري بها مياه نهر بيروت وتعرف اليوم بقناطر زبيدة. وقد بنيت هذه القناة بنحيت الحجارة الكبيرة ، وكانت تجري المياه بوادي النهر فوق جسر عظيم ذي ثلاث قناطر راكبة بعضها فوق بعض ، لا يزال من هذا الجسر إلى يومنا بقايا حسنة على بعد ميلين عن بيروت في شماليها ، بيد أنّ الصف الثالث من القناطر قد تهدّم ، كما هبط وسط الجسر ، فلم يعد سبيل إلى أن تجرّ فيه المياه. وكان علوّ هذا الجسر عند تمامه خمسين مترا وطوله ٢٤٠. وقد نسبت هذه القناطر إلى زبيدة إمرأة هارون الرشيد ، كما نسبت لزنوبيا ملكة تدمر. وحقيقتها ما تقدّم. وكانت هذه الأقنية تنقل المياه إلى المدينة بغزارة فتصب في الثانية مترا مكعّبا من الماء. ولهذا النهر جسر طويل بالقرب من مصبّه عند خليج مار جرجس يقال إنّه بني أوّلا في العهد الرومانيّ ، ولمّا كان يصعب اجتياز مركبتين عليه معا قرّرت دائرة النافعة في لبنان الكبير في اوائل ١٩٢٣ وجوب توسيع سطحه إلى تسعة أمتار ، ثلاثة منها للرصيف على الجانبين والباقي لمرور المركبات وقد تم ذلك بظرف بضعة شهور ، وأقامت البلديّة عليه مصابيح كهربائيّة وأطلقت عليه إسم" جسر فيغان" نسبة إلى" الجنرال فيغان" الذي كان حينئذ قوميسيرا لدولة الإنتداب.