فهنا أربعة تشبيهات ، كلّ واحد منها تشبيه صورة بصورة وحسن في معناه.
ومن تشبيه المركب بالمركب مع إضمار الأداة ، ما رواه معاذ بن جبل عن الرسول عند ما قال له : «أمسك عليك هذا» وأشار إلى لسانه ، فقال معاذ : «أو نحن مؤاخذون بما نتكلم»؟ فقال له الرسول : «ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكبّ الناس على مناخرهم في نار جهنم إلا حصائد ألسنتهم؟». فقوله : حصائد ألسنتهم ، من تشبيه المركب بالمركب ، فإنه شبّه الألسنة وما تمضي فيه من الأحاديث التي يؤاخذ بها بالمناجل التي تحصد النبات من الأرض. وهذا تشبيه بليغ عجيب لم يسمع إلا من النبي صلىاللهعليهوسلم.
ومنه قول أبي تمام :
معشر أصبحوا حصون المعالي |
|
ودروع الأحساب والأعراض |
فقوله «حصون المعالي» من التشبيه المركب ، لأنه شبّه المعشر الممدوح في منعهم المعالي وحمايتها من أن ينالها أحد سواهم بالحصون في منعها من بها وحمايته.
وكذلك الشأن في تشبيههم بدروع الأحساب والأعراض.
ومن تشبيه المركب بالمركب مع إظهار الأداة قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة (١) طعمها طيب وريحها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب ولا طعم له ،
__________________
(١) الأترجة بضم الهمزة وسكون التاء وضم الراء وتشديد الجيم : ثمرة ذهبية اللون طيبة الرائحة والطعم.