هنا يتطرق القبح إلى هذا التشبيه على إصابته. أمّا تشبيه البنان بمساويك الأسحل فجار مجرى غيره من تشبيهاتهم ، لأنّهم يصفونها بالأقلام والعنم وما أشبه ذلك. والبنان قريب الشبه من أعواد المساويك في القدر والاستواء ونعومة الملمس.
وقول العرجي في دبيب الهوى :
يدب هواها في عظامي وحبها |
|
كما دب في الملسوع سم العقارب |
فتشبيه دبيب الهوى في العظام بدبيب سم العقارب في الملسوع غاية في البشاعة.
ومنه قول أبي محجن الثقفي في وصف قينة :
وترفع الصوت أحيانا وتخفضه |
|
كما يطن ذباب الروضة الغرد |
فقد شبّه القينة وهي ترفع صوتها أحيانا وتخفضه بالغناء بطنين الذباب الغرد في الروضة. فهذا التشبيه وإن كان مصيبا لعين الشبه فإنّه غير طيب في النفس ولا مستقر على القلب. فأي قينة تحب أن تشبه بالذباب ، وأن يشبه غناؤها بطنين الذباب؟
ومع هذا فقد سرق أبو محجن هذا التشبيه ولم يحسن استخدامه فقلبه وأفسده. أجل لقد سرقه من قول عنترة العبسي يصف ذباب روضة :
وخلا الذباب بها فليس ببارح |
|
غردا كفعل الشارب المترنم |
وشتان بين تشبيه وتشبيه.
وأين قول أبي محجن من قول بشار في وصف قينة :
تصلى لها آذاننا وعيوننا |
|
إذا ما التقينا والقلوب دواعي |