فيه : «قد يضمر التشبيه في النفس فلا يصرّح بشيء من أركانه سوى المشبه ، ويدل عليه بأن يثبت للمشبه أمر يختصّ بالمشبه به فيسمى التشبيه استعارة بالكناية أو مكنيا عنها ، وإثبات ذلك الأمر للمشبه استعارة تخييلية ، وقد مثّل لهذه الاستعارة بقول الهذلي :
وإذا المنيّة أنشبت أظفارها |
|
ألفيت كلّ تميمة لا تنفع |
شبّه هنا المنيّة بالسبع في اغتيال النفوس بالقهر والغلبة من غير تفرقة بين نفّاع وضرّار. وإثبات الأظفار للمنيّة التي هي المشبه هو من قبيل الاستعارة التخييلية.
وأخيرا يختم القزويني عرضه للاستعارة بثلاثة فصول يجمل فيها كلام السكاكي عن الحقيقة اللغوية والمجاز اللغوي والاستعارة تعريفا وتقسيما وتفريعا مع مناقشته في بعض آرائه. كما يشير إلى رأي السكاكي في أن حسن الاستعارة التمثيلية والاستعارة التحقيقية ، وهي التي يتحقق معناها حسّا وعقلا ، إنما يكون برعاية حسن التشبيه ، بمعنى أن لا يشم رائحته لفظا ، وأن حسن الاستعارة المكنية إنما يكون بحسب حسن المكنّى عنه.
كذلك يشير في النهاية إلى المجاز العقلي مبيّنا أنه لا يكون في اللفظ كما هو الشأن في الاستعارة والمجاز المرسل ، وإنما يكون في الإسناد ، أي إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له مع قرينة مانعة من إرادة الإسناد الحقيقي ، وهذا أمر يدرك بالعقل ، ولهذا سمي المجاز العقلي.
* * *
ومن الحقيقة والمجاز ينتقل الخطيب القزويني للكلام عن المبحث الثالث والأخير من مباحث علم البيان ، وأعني به «الكناية» فيعرفها بأنها