ومن كلّ هذا يتّضح ان الحكم بوجوب الحضور من بداية طلوع الفجر مبني على الاحتياط تحفّظا من مخالفة المشهور والا فأصل البراءة ينفي ذلك.
٤ ـ واما القول بوجوب المبيت فقد يستدلّ له بالتأسي ، وبصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : «لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة» (١) ، حيث يدل على لزوم المبيت غايته لا يجوز تجاوز الحياض التي هي حدّ من حدود المزدلفة ، وبصحيح معاوية المتقدّم الآمر بالاصباح على طهر ، فان ذلك يلازم المبيت في المزدلفة والا فكيف يتحقّق الاصباح فيها؟
والكل كما ترى.
إمّا الاول فلان التأسي يعني الاتيان بالفعل على النحو الذي أتى به صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ان واجبا فواجب وان مستحبا فمستحب ، وحيث لا يعلم انّه أتى به بنحو الوجوب ـ بل أقصى ما يدل عليه الفعل هو عدم الحرمة أو مطلق الرجحان ـ فلا يثبت لزوم فعله بنحو الوجوب.
واما الثاني فلان أقصى ما يدلّ عليه النهي هو ان من كان في المزدلفة لا يحقّ له تجاوز الحياض ليلا ولا يدلّ على لزوم التواجد فيها ليلا.
واما الثالث فلان الاصباح على طهر على تقدير وجوبه يتحقّق امتثاله بدخول المزدلفة قبل طلوع الفجر بدقيقة أو أكثر.
وعليه فالحكم بوجوب المبيت في المزدلفة ليلة العاشر لا يمكن اثباته بدليل بل الدليل ـ وهو أصل البراءة ـ يقتضي العدم.
__________________
(١) وسائل الشيعة الباب ٨ من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث ٣.