مقامه كما يفعل بالمضاف إليه.
ومثل هذا في إضافة شيء واحد إلى شيئين لتعلقه بهما المصدر الذي يضاف إلى الفاعل لوقوعه منه ، وإلى المفعول لوقوعه به ، وإلى الزمان أيضا لوقوعه فيه ، كقول الله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(١)
وأما قول الشاعر :
... |
|
وتشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر (٢) |
ففيه وجهان ؛ أحدهما : ما ذكرناه من التقديم والتأخير ، وذلك أنا الضياطرة هم الذين يشقون بالرماح لقتلهم بها.
والوجه الثاني : أنّ الرّماح تشقى بالضياطرة ؛ لأنه لم يجعلهم أهلا للتشاغل بها ، وحقّر شأنهم جدّا ، فجعل طعنهم بالرّماح شقاء للرماح ، كما يقال : " شقي الخّزّ بجسم فلان" إذا لم يكن أهلا للبسه.
قال الشاعر :
بكى الخّز من عوف وأنكر جلده |
|
وضجّت ضجيجا من جذام المطارف (٣) |
ولو قال قائل : إن التقديم والتأخير فيما ذكرناه ليس من الضرورة ، لم يكن عندي بعيدا ؛ لأنها أشياء قد فهمت معانيها ، وليست بأبعد من قولهم : أدخلت القلنسوة في رأسي ، والخاتم في إصبعي.
كما قال الشاعر :
ترى الثّور فيها مدخل الظّلّ رأسه |
|
وسائره باد إلى الشّمس أجمع (٤) |
وإنما يدخل الرأس في القلنسوة ، والإصبع في الخاتم ، ورأس الثور في الظل. قال الله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)(٥) وإنما العصبة تنوء بالمفاتيح.
وفيها قول آخر ، وهو أنها على غير التقديم والتأخير ، وذلك أن معنى قوله تعالى :
__________________
(١) سورة سبأ ، آية : ٣٣.
(٢) اللسان (ضطر).
(٣) البيت بلا نسبة في سيبويه ٢ / ٢٥.
(٤) البيت بلا نسبة في سيبويه ١ / ٩٢.
(٥) سورة القصص ، آية : ٧٦.