" تنوء بالعصبة" أي تنيئها ، كما تقول : " ذهب بزيد" و" أذهبه" ، وكذلك : " ناء به" و" أناءه".
ومعنى هذا عند الفراء : تثقل العصبة وتميلهم من ثقلها. ويقال في قول القائل : " ساءك وناءك" ومعنا : " أناءك" ، وأتبعه" ساءك" ، كما يقال : " هنأني الطّعام ومرأني" إتباعا. وإذا أفردوه قالوا : أمرأني.
ومن ذلك تأخير المضاف إليه عن موضعه الذي ينبغي أن يكون عليه من مجاورة المضاف بلا فصل ، كقولك : " غلام زيد" و" ضارب بكر". فإذا اضطرّ شاعر جاز أن يفصل بينما بالظروف وحروف الجر ، فتشبهها بإن وأخواتها ، حيث فصل بينها وبين أسمائها بالظروف فقط.
قال الشاعر ذو الرمة :
كأن أصوات من إيغالهنّ بنا |
|
أواخر الميس أصوات الفراريج (١) |
أراد : كأن أصوات أواخر الميس من إيغالهن بنا.
وقال أبو حية :
كما خطّ الكتاب بكفّ يوما |
|
يهوديّ يقارب أو يزيل (٢) |
أراد : بكف يهودي يوما. وقال آخر :
لما رأت ساتيدما استعبرت |
|
لله درّ اليوم من لامها (٣) |
أراد : لله در من لامها اليوم.
وقالت امرأة من العرب :
هما أخوا في الحرب من لا أخا له |
|
إذا خاف يوما نبوة فدعاهما (٤) |
ولا يجوز هذا عند البصريين إلا في الظروف. وقد أنشد فيه ما لا يثبته أهل الرواية وهو :
فزججتها بمزجّة |
|
زجّ القلوص أبي مزاده (٥) |
__________________
(١) البيت في ديوانه ٧٦ ، وخزانة الأدب ٢ / ١١٩ ، واللسان (نقض) ، وابن يعيش ١ / ١٠٣.
(٢) البيت لأبي حية النميري في سيبويه ١ / ٩١ ، والخزانة ٣ / ٤٧٠.
(٣) البيت لعمرو بن قميئة في سيبويه ١ / ٩١ ، والخزانة ٢ / ٢٤٧ ، وابن يعيش ٣ / ٢٠.
(٤) البيت منسوب لدرنا بنت عبعبة في سيبويه ١ / ٩٢.
(٥) البيت في الخزانة ٢ / ٥١ ، وابن يعيش ٣ / ١٩.