يعمل بالفعل عند الضرورة من التنوين والجر ما يعمله بالاسم الذي لا ينصرف ، فعلمنا أن الذي فرق بينهما أنه يرد الاسم إلى حالة قد كانت له ، وليس للفعل أصل في التنوين والجر يردّه إليه عند الضرورة ، وقد ذكرنا حذف ما لا يحذف في الشعر بما أغنى عن إعادته.
وأنشد سيبويه لخفاف بن ندبة :
كنواح ريش حمامة نجديّة |
|
ومسحت بالّلثتين عصف الإثمد |
استشهد في حذف الياء من" كنواح" وكان ينبغي أن يقول : " كنواحي" ، وإنما حذف الياء تشبيها بالياء التي تسقط في الواحد ، لدخول التنوين ، كقولك : " قاض" و" رام" ، والإضافة والألف واللام معاقبتان للتنوين ، فسقطت الياء للإضافة ، كما سقطت مع التنوين.
وزعم أبو محمد التّوّزيّ ، وهو من متقدّمي أهل اللغة من أصحاب أبي عبيدة ، أنه بلغه أن ابن المقفع وضع هذا البيت. وقال أبو عمر الجرمي : هو لخفاف.
وأنشد سيبويه :
فطرت بمنصلى في يعملات |
|
دوامي الأيد يخبطن السّريحا (١) |
والوجه : الأيدي. وإنما يصف أنه مضى بسيفه. وهو المنصل ، في نوق فعقرهنّ ، ودميت أيديهن فخبطن السّيور المشددة على أرجلهن ، وهي السّريح الذي ذكره.
وأنشد سيبويه للنجاشي :
فلست بآتيه ولا أستطيعه |
|
ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل |
أراد : ولكن.
وأنشد سيبويه لمالك بن حريم الهمداني ، وحريم هو اسم أبيه ، المعروف عند الرواة وأهل اللغة. وكان أبو العباس المبرد يقول : خزيم ، وينسب في ذلك إلى التصحيف.
قال أبو سعيد : وأخبرني أبو بكر بن السراج أنه وجد بخط بعض اليزيديين : حريم وخريم جميعا. قال :
فإن يك غثّا أو سمينا فإنّني |
|
سأجعل عينيه لنفسه مقنعا |
أراد : لنفسهي ، وهو يصف ضيفا ؛ يقول : إن كان ما عندي غثّا أو سمينا ، فإنني
__________________
(١) البيت لمضرس بن ربعي الأسدي في اللسان (يدى).