تعدّى إلى مفعول واحد ، تقول : " ظننت زيدا" كما تقول : " اتّهمت زيدا".
ومنه : " علمت" إذا أردت به معرفة ذات الاسم ، ولم تكن عارفا به من قبل كقولك : " علمت زيدا" أي عرفته ولم أكن أعرفه من قبل ، وليس بمنزلة قولك : " علمت زيدا قائما" إذا أخبرت عن معرفتك بقيامه ، وكنت عارفا من قبل.
ومنه" رأيت" إذا أردت به رؤية العين ، بمنزلة : " أبصرت" يتعدّى إلى مفعول واحد ، تقول : " رأيت زيدا" ، كما تقول : " أبصرت زيدا" ، وإذا كانت الرؤية للقلب تعدّت إلى مفعولين ، على ما ذكرنا ، وكان لها معنيان : العلم والحسبان. قال الله تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً. وَنَراهُ قَرِيباً)(١) أي يحسبونه بعيدا ونعلمه قريبا.
" والظّنّ" أيضا قد يكون بمعنى العلم ، كقولك الله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)(٢) وقال الشاعر :
فقلت لهم ظنّوا بألفى مدجّج |
|
سراتهم في الفارسيّ المسرّد (٣) |
ومعناه : أيقنوا.
ومنه : " وجد عبد الله ضالّته" إذا أصابها ، فهو يتعدى إلى مفعول واحد.
وأما" حسب" و" خال" و" زعم" ، فلا يكون لهنّ معنى غير ما ذكرنا.
وقد جاءت سبعة أفعال لم يسمّ فاعلوها ، تجري مجرى هذه الأفعال التي قدمنا ذكرها وهي : نبّئت ، وخبّرت ، وأخبرت ، وأعلمت ، وأريت ، وحدّثت ، وقد كانت متعدّية في الأصل إلى ثلاثة ، فأقيم واحد منها مقام الفاعل ، وبقى الآخران كمفعولي الظنّ في جميع أحكامها ؛ لأن معنى : أعلمت ، وأريت ، يعود إلى : علمت ، ورأيت وأنبئت ، ونبّئت ، وخبّرت ، وأخبرت ، وحدّثت يعود معناها إلى : حسبت.
وقد كان تعدّي الفعل في هذه الخمسة الأفعال بحرف جرّ ؛ لأن معنى : " أنبئت زيدا منطلقا" : " نبّئت عن زيد" ، وقد مر هذا.
قال سيبويه : " وإنما منعك أن تقتصر على أحد المفعولين هاهنا أنّك إنما أردت
__________________
(١) سورة المعارج ، آية : ٦ ـ ٧.
(٢) سورة البقرة ، آية : ٤٦.
(٣) البيت لدريد بن الصمة في اللسان (ظن).