مفعول كزيد.
ثم قال : " ألا ترى أنه يكون معرفة ، ويكون معناه ثانيا كمعناه أولا ، إذا قلت : كسوت الثّوب ، وكمعناه إذا كان بمنزلة الفاعل ، إذا قلت : كسي الثّوب".
قال أبو سعيد : أما قوله : " يكون معرفة" ، يعني أن المفعول الثاني مما يتعدّى إلى مفعولين يكون معرفة ، كقولك : " كسوت زيدا الثّوب" ، والحال لا تكون معرفة ، لأنك لا تقول : " قام زيد الضّاحك" فأراك الفرق بين المفعول الثاني وبين الحال.
وأما قوله : " ويكون معناه ثانيا كمعناه أولا" ، يعني : أنّ المفعول الثاني إذا كان معه مفعول ، فهو بمنزلته إذا لم يكن معه مفعول غيره ، وذلك أنك إذا قلت : " كسوت زيدا الثّوب" ، فالثوب هو مفعول ثان ، وقد وصل الفعل إليه ، وإذا قلت : " كسوت الثّوب" ولم تذكر غيره ، فهو أوّل ، ومعناه في الوجهين جميعا واحد ؛ لأنك ، وإن لم تذكر غيره ، فقد علم أنّك ألبسته شيئا ما ، والحال ليس كذلك ؛ لأن الحال لا تقوم بنفسها منفردة عن الأسماء التي هي حال منها كما انفرد الثوب عن المفعول الأوّل ، لا تقول : " ضربت قائمة" وتنصب قائمة على الحال ، وأنت تريد : " ضربت هندا قائمة".
وأما قوله : " كمعناه إذا كان بمنزلة الفاعل" ، يعني : أن الثوب قد يقوم مقام الفاعل فيقال : " كسي الثّوب" ، ولا تقام الحال مقام الفاعل ، ففرّق بينها ، لاختلاف حكمها.
ثم مثّل الحال الذي عقد الباب عليه فقال : " وذلك قولك : ضربت عبد الله قائما ، وذهب زيد راكبا ، فلو كان بمنزلة المفعول الذي يتعدّى إليه فعل الفاعل : نحو عبد الله وزيد ، ما جاز في ذهبت".
يعني لو كان ما ينتصب بالحال كالمفعول نحو : عبد الله وزيد ما جاز الحال من" ذهب" لأنّ" ذهب" لا يتعدّى إلى مفعول فلما جاز" ذهبت راكبا" ولم يجز" ذهبت زيدا" علمنا أنه ليس مثله.
ثم قال : " ولجاز أن تقول : ضربت زيدا أباك ، وضربت زيدا القائم ، لا تريد بالأب ولا بالقائم ، الصفة والبدل".
يعني : أنه لو كان الحال بمنزلة الاسم المفعول لجاز أن تأتي" لضربت" بمفعول ثان فتقول : " ضربت زيدا أباك" على أن تجعل : " زيدا" المفعول الأول ، و" أباك" مفعولا ثانيا ،