قال سيبويه : " ومثله يا طلحة أقبل ، لأن أكثر ما تدعو طلحة بالترخيم ، فترك الحاء على حالها ، ويا تيم تيم عديّ وسترى هذا في موضعه إن شاء الله تعالى".
اعلم أن الاسم الذي في آخره هاء التأنيث ينادي بأربعة ألفاظ : الضم وإثبات الهاء ، كقولك : يا طلحة ، وبحذف الهاء وفتح الحاء ، كقولك : يا طلح ، وبهذا أكثر ما ينادى ، ويا طلح بضم الحاء وحذف الهاء ويا طلحة بفتح الهاء وإثباتها. وهذا اللفظ هو الذي نفسره في هذا الموضع ، وذلك أنه مفتوح ولم يلحق ترخيم في اللفظ ، وإنما جاز فتحها ، لأن أكثر ما تنادى العرب هذا الاسم بحذف الهاء وفتح الحاء ، فإذا فعلوا ذلك ؛ ثم أدخلوا الهاء فتحوها على حسب ما تكون الحاء مفتوحة إتباعا لها ، فكان فتحهم آخر هذا المنادى كفتح يا طلح ، وجعل هذا شاهدا لقوله : " اجتمعت أهل اليمامة" حين أجروه على التأنيث الذي يكون في قوله : اجتمعت اليمامة ولم يحفل بدخول أهل.
وأما قوله " يا تيم تيم عديّ" فإنما أراد : يا تيم عديّ ، وزاد" تيم" الثاني ، فأجراه على لفظ تيم الأول تأكيدا ، ولم يبطل الإضافة ، كما قال : اجتمعت أهل اليمامة ، فلم يبطل التأنيث بإدخال الأهل ، ويجوز أن يكون تقديره : يا تيم عديّ تيم عديّ ، فتحذف المضاف إليه الأول ، اكتفاء بالثاني كما تقول : هذا نصف وثلث درهم تريد : هذا نصف درهم وثلث درهم.
وقال الفرزدق :
يا من رأى عارضا أسرّ به |
|
بين ذراعي وجبهة الأسد (١) |
ويجوز : يا تيم تيم عديّ ، وهو أجود ، على أن تجعل الأول نداء مفردا ، وتجعل الثاني نعتا له.
قال سيبويه : " فإن قلت : من ضربت عبد أمّك ، وهذه عبد زينب ، لم يجز ؛ لأنّه ليس منها ولا بها ، ولا يجوز أن تلفظ بها ، وأنت تريد الغلام".
يريد أنك لا تقول : " مررت بزينب" وأنت تريد غلامها. وقد أحكمنا هذا مفسرا.
قال جرير :
يا تيم تيم عديّ لا أبا لكم |
|
لا يلقينّكم في سوأة عمر (٢) |
__________________
(١) البيت في ديوانه ٢١٥.
(٢) البيت في ديوانه ٢٨٥ ، وسيبويه ١ / ٢٦ ، والخزانة ١ / ٣٥٩.