الله تعالى في قراءة بعض الناس : (وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ)(١) ، فجر" الآيات" وهي في موضع نصب ، ومثل ذلك قول الله تعالى : (... لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٢) ، عطفا على خبر إن. وعلى اللام.
وغلط الأخفش في الآيتين اللتين ذكرهما من غير وجه.
أما قوله تعالى : (وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ) فالشاهد في الآية التي بعدها لا فيها ، لأن حرف الجر قد ذكر في قوله : (وَفِي خَلْقِكُمْ) وموضع الاحتجاج في الآية التي بعدها وقد ذكرنا الجواب عنه.
وأما قوله تعالى : (لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ). فإن الأخفش يقدر : " إنا أو إياكم لعلى هدى وإنا أو إياكم لفي ضلال مبين". فحذف إن واللام من قوله : " أو في ضلال مبين". وهذا لا حجة له فيه ؛ لأن قوله : " أو في ضلال مبين" ليس فيه معمول إن منفي ، فيكون عطفا على" إن". و" اللام" في قوله عزوجل : (لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) غير عاملة. فاحتجاجه بهذا بعيد.
قال أبو العباس : غلط أبو الحسن في الآيتين جميعا في أنهما عطف على عاملين ، ولكن ذلك في قراءة من قرأ (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ،) إذا قال : " آيات" فجره فقد عطف على عاملين ، وهي قراءة.
قال أبو سعيد : وقد غلط أبو العباس في تفريقه بينهما : وذلك أن أبا العباس كان يرى أن من قرأ (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ) عاطف على عاملين وأن من قرأ" آيات" غير عاطف على عاملين ؛ لأن الذي يقرأ : " آيات" ينصبها" بأن" ، والذي يقرأ" آيات" يرفعها بالابتداء ، فيقال : أخبرنا عن الذي يقرأ : " آيات" إذا رفعها بالابتداء هل يعطفها على موضع" إن" ، أو يقطعها من الكلام الأول؟ ، فإن كان يعطفها على موضع" إن" ، فقد عطف على عاملين أحدهما موضع" إن" ، والآخر" في" ، وإن كان مقطوعا من الكلام الأول ، وجب أن يذكر حرف الجر في" اختلاف الليل والنهار" ، ألا ترى أنه لا يجوز لك
__________________
(١) سورة الجاثية : الآية : ٤.
(٢) سورة سبأ الآية : ٢٤.