أن تقول : " اختلاف الليل والنهار آيات" وأنت تريد في ؛ لأنه مستأنف ليس قبله ما يعطف عليه.
قال سيبويه : (وتقول : ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة وإن شئت نصبت).
يعني : إن شئت قلت : شحمة.
(و" بيضاء" في موضع جر ؛ كأنك أظهرت" كلّ" كأنك قلت : ولا كلّ بيضاء شحمة).
فاحتج بعض الناس بأن هذا عطف على عاملين ، وذلك أن" بيضاء" جر عطفا على" سوداء" والعامل فيها كل ، و" شحمة" منصوبة عطفا على خبر" ما".
فقال سيبويه : (ليس ذلك عطفا على عاملين ، وتأوّله تأويلا أخرجه عما قاله القائل. فقال : " بيضاء" مجرور" بكل" أخرى محذوفة مقدرة بعد" لا" ، وليست معطوفة على سوداء ، فلم يحصل العطف على عاملين.
وقال أبو دؤاد :
أكلّ امرئ تحسبين أمرأ |
|
ونار توقد بالليل نارا (١) |
أراد : كل نار توقد بالليل نارا. بتقدير" كلّ" معادة ، ولم يعطف" نار" على" امرئ واستغنى عن تثنية" كلّ" بذكره إيّاها في أول الكلام ولقلة التباسه على المخاطب).
قال سيبويه : (وجاز ذلك كما جاز في قولك : " ما مثل عبد الله يقول ذاك ولا أخيه". وإن شئت قلت : " ولا مثل أخيه فهذا يحتمل أن يكون" مثل" مقدرا بعد" لا" ، ويجوز ألا يكون مقدرا ، ويكون" الأخ" معطوفا على" عبد الله" والعامل فيهما" مثل" الأول ، ثم يقول : " ما مثل عبد الله يقول ذاك ، ولا أخيه يكره ذاك" ومثل ذلك وما مثل أخيك ولا أبيك يقولان ذاك").
فهنا لا محالة تقدر" مثل" بعد" لا" ، وذلك أنه لو كان" وأبيك" معطوفا على" أخيك" ، والعامل" مثل" ما جاز أن يثنّي" يقولان" فلما ثني ، علمنا أن تقديره : " وما مثل أخيك ولا مثل أبيك يقولان ذاك". و" مثل" الأول غير الثاني فلما جاز حذف الثاني اكتفاء بالأول في هذه المسألة ، جاز في التي قبلها ، وجاز أيضا فيما كان خبره معرّفا ، كقولك :
__________________
(١) الخزانة ٤ / ٣١٤ ، الكامل للمبرد ١ / ١٩٦ ، المغني ١ / ٢٩٠.