وإنما حسن حذفها من الصلة ؛ لأن الذي والفعل والفاعل والمفعول جميعا كاسم واحد ، وكذا كل موصول يكون هو والصلة كالشيء الواحد ، فاستطالوا أن يكون أربعة أشياء كشيء واحد ، فحذفوا منها للتخفيف واحدا ، فلم يكن سبيل إلى حذف الموصول ؛ لأنه هو الاسم ، ولا إلى حذف الفعل لأنه الصلة ، ولا إلى حذف الفاعل ؛ لأن الفعل لا بد له من فاعل ، فحذفوا المفعول لأنه كالفضلة في الكلام.
وحذف الهاء في الصفة دون حذفها في الصلة ، وإثباتها أحسن من حذفها ، وذلك لأن الصفة تشبه الصلة من وجه ، وتفارقها من وجه. فأما شبهها : فلأن الصفة والموصوف بمنزلة اسم واحد ، كما أن الصلة والموصول كاسم واحد. وأما مفارقتها لها ، فلأن الموصوف يستغني عن الصفة والموصول لا يستغني عن الصلة.
وأما الخبر فهو الذي قدمنا ذكره أن حذف الهاء قبيح فيه ؛ لأن الخبر غير المخبر عنه ، وليس هو معه كشيء واحد ، وإنما شبهوه بالذي في الحذف. ومعنى قول سيبويه : (كما كرهوا طول اشهيباب ، فقالوا : اشهباب).
أراد أن الذي وصلتها كالفاعل والمفعول ، لما طالت وهي اسم واحد خففوا منها بحذف المفعول ، كما خففوا" اشهيبابا" ، فقالوا" اشهباب" ؛ لأن" اشهيباب" سبعة أحرف ، وهي نهاية ما يكون الاسم عليه مع الزيادة سوى هاء التأنيث ، فخففوا منها ، وهو مصدر" اشهاب".
قال سيبويه : (وهو في الوصف أمثل منه في الخبر).
يعني حذف الهاء.
قال : (وهو على ذلك ضعيف ليس كحسنه في الهاء).
يعني : في الصفة.
قال : (لأنه في موضع ما هو من الاسم ، وما يجري عليه ، وليس بمنقطع منه خبرا مبنيا عليه ولا مبتدأ ، فضارع ما يكون من تمام الاسم ، وإن لم يكن تماما له ولا منه في البناء).
يعني : لما حسن حذف الهاء بعض الحسن ، وإن كان الإثبات أحسن منه ؛ لأنه ضارع الصلة ، وصار كأنه من الاسم ؛ لأن الصفة والموصوف كشيء واحد وليس هو خبرا له ، ولا هو مبتدأ.