فيحسن ، ولا يحسن" قد زيدا ضربته" ، فتشبه" هلا" بالألف في إيلاء الاسم إياها ، وبينهما فرق. وذلك أن ألف الاستفهام قد يجوز أن يليها الاسم المبتدأ المرفوع بالابتداء ، ولا يجوز أن يلي" هلا" ، وذلك لأنها قد جعلت للفعل فقط ، ولكن لها قوة ، أعني" لهلا" على الحروف التي يليها الفعل ، جاز من أجلها تقديم الاسم على الفعل العامل فيه ، ومتى رفع الاسم بعد" هلا" فهو بإضمار فعل لا بالابتداء ، كقولك : " هلا زيد ضربته" ، كأنك قلت : " هلا ضرب زيد ضربته".
ومعنى قوله : (لأنها حرف الاستفهام الذي لا يزول عنه).
يعني الألف لا تكون إلا للاستفهام ، وإن كانت تكون في معنى التقرير والجحد ، كقولك : " ألم آتك" ، أي : قد أتيتك ، وكقول الله تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ)(١) وهو لم يقل. فهذا لفظ الاستفهام ، وإن كان قد استعمل في معنى التقرير ، وذلك أن المقرر مستدع لاعتراف المقرر ، فهو بمنزلة المستفهم المستدعي إخبار المستفهم فهما جميعا من واحد واحد ، وكذلك كل ما دخله ألف الاستفهام في معنى جحد أو إيجاب ، ففيه استدعاء إقرار المخاطب ، ألا ترى أن رجلا لو قال : "زيد قائم" ، لم يكن على المخاطب أن يجيبه من هذا بشيء. وإن قال له : " أليس زيد بقائم" على سبيل التقرير ، كان عليه أن يقول : "بلى" أو "لا".
وسائر حروف الاستفهام تكون لها معان غير الاستفهام كما ذكرنا في "من" و "هل".
قال : (وإنما تركوا الألف في من ، ومتى ، وهل ، ونحوهن حيث أمنوا الالتباس).
قال أبو سعيد : الأصل عند سيبويه في قولك : "من أخوك؟" ، أن تقول : "أمن أخوك؟" لأن "من" اسم مبتدأ ، و "أخوك" خبر ، فكأنك قلت : "أزيد أخوك؟" ولكن لما كانت" من" غير مستعملة في مواضع الأسماء كلها ، وإنما تستعمل في الاستفهام والمجازاة ، وبمعنى الذي إذا وصلت صلة الذي استغنوا عن الألف فيها ؛ لأنها لا تشكل ولا يظن بنزع الألف منها أنها خبر ، لأنها لو كانت خبرا لوصلت ، وقد يجوز أن تقول : " من عندك أم من جاءك؟ ". فقد دخلت" أم" على" من" وهي نظيرة الألف ، فقد علمت بهذا
__________________
(١) سورة المائدة ، آية : ١١٦.