أن الأصل دخول الألف عليها ، وأن أطراحها لعلم المخاطب ، فإذا وصلت" من" ، فجعلتها بمعنى الذي ، جاز أن تدخل عليها ألف الاستفهام ، قال الله تعالى : (أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ)(١) كأنه قال : آ الذي يلقي في النار خير أم الذي يأتي آمنا. ونقول : " أم هل" بمعنى قد ، وقد ذكرناه.
قال : (وهي ها هنا بمنزلة" إن" في باب الجزاء).
يعني : ألف الاستفهام من بين حروف الاستفهام في القوة بمنزلة" إن" من بين حروف المجازاة في القوة ، يحسن في" إن" خاصة تقديم الأسماء كما قال الله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ)(٢) فأولى" إن" الاسم ، ورفعه عند البصريين بإضمار فعل ، فكأنه قال : " وإن استجارك أحد من المشركين استجارك" ولا يجوز غير ذلك عند البصريين.
وكان الفراء يزعم أن رفع" أحد" بالضمير الذي يعود إليه من استجارك ، كقولك" زيد استجارك" ، وهذا يستقصى في موضعه إن شاء الله.
قال : (ويختار فيه النصب ؛ لأنك تضمر الفعل فيها ؛ لأن الفعل أولى إذا اجتمع هو والاسم ، وكذلك كنت فاعلا في باب" إن" ، لأنها إنما هي للفعل ، وسترى بيان ذلك) إن شاء الله.
يعني : أن ألف الاستفهام وإن كان إيلاء الاسم إياها جائزا فإن الاختيار أن يليها الفعل إذا اجتمع الفعل والاسم ، وقد ذكرنا هذا ، وكذلك يجب في باب" إن".
قال : (والألف إذا كان معها فعل بمنزلة لولا ، وهلا ، إلا أنك إن شئت رفعت فيها).
يعني : أن ألف الاستفهام أولى بالفعل ، وحكم الفعل أن يليها كما يلي" لو لا ، وهلا" ، إلا أنه يجوز أن ترفع في الألف ، يعني : ترفع الاسم بالابتداء بعد الألف.
قال : (وهو في الألف أمثل منه في" متى" ونحوها).
يعني : رفع الاسم بعد الألف أقوى منه بعد متى.
__________________
(١) سورة فصلت ، آية : ٤٠.
(٢) سورة التوبة ، آية : ٦.