وقوله : (كما فعلت ذلك فيما نصبته في هذه الحروف في غير الاستفهام).
يعني : أضمرت فعلا ينصب الاسم في الاستفهام ، كما أضمرت فيما قبل الاستفهام فعلا ينصب ؛ لأن الاستفهام غير عامل ، ولم يعن بقوله : " الحروف" : حروف المعاني ، وإنما أراد الأسماء والأفعال التي أشار إليها.
(قال جرير :
أثعلبة الفوارس أم رياحا |
|
عدلت بهم طهيّة والخشابا) (١) |
أراد : أذكرت ثعلبة الفوارس ؛ لأن" عدلت" يتعدى بحرف جر ، وتضمر" قست" ، أو" مثلت" ، أو ما يقارب الفعل المذكور.
وقال : (فإذا أوقعت الفعل عليه ، أو على شيء من سببه نصبته ، وتفسيره ها هنا هو التفسير الذي فسر في الابتداء : أنك تضمر فعلا هذا تفسيره).
يعني : أن الفعل الذي ينصب هذا الاسم قبل دخول الاستفهام ، هو الذي ينصبه إذا دخل الاستفهام.
قال : (إلا أن النصب هو الذي يختار ها هنا ، وهو حد الكلام ، وأما الانتصاب ثمّ وها هنا فمن وجه واحد).
يعني : أنك إذا قلت : " زيدا ضربته" ، فتقديره : " ضربت زيدا ضربته".
وإذا قلت : " زيدا مررت به" ، فتقديره ، " لقيت زيدا مررت به" ، وإذا قلت : " زيدا لقيت أخاه" فتقديره : " لابست زيدا لقيت أخاه" ، فإذا أدخلت ألف الاستفهام على هذا ، فتقديره أيضا : " أضربت زيدا ضربته" ، و" ألقيت زيدا مررت به" ، و" ألابست زيدا لقيت أخاه". فالنصب مع الاستفهام يقدر بالعامل الذي يقدر في الابتداء ، وهو في الاستفهام مختار ، وفي الابتداء الاختيار الرفع.
قال : (ومثل ذلك : " أعبد الله كنت مثله" ؛ لأن" كنت" فعل ، و" المثل" مضاف إليه ، وهو منصوب ومثله" أزيدا لست مثله" ؛ لأنه فعل فصار بمنزلة" أزيدا لقيت أخاه ، وهو قول الخليل).
وقد بينا أن قولنا : " كان زيد قائما" في التصريف والعمل ، بمنزلة" ضرب زيد
__________________
(١) الديوان ٦٦ ، أمالي المرتضى ٢ / ٥٧ ، الأعلم ١ / ٥٢.