رجلا" ، وإذا قلت : " كنت زيدا" ، فهو بمنزلة قولك : " ضربت زيدا". وإذا قلت : " كنت مثل زيد" ، فهو بمنزلة قولك : " ضربت مثل زيد لك" ، فإذا قلت : " أعبد الله كنت مثله" ، فهو بمنزلة قولك : " أعبد الله ضربت مثله ، وضربت أخاه". وليس بمنزلة" كان" ، وإن كان لا يتصرف" أعبد الله ضربت مثله" ، و" ضربت أخاه" ، وليس لها مستقبل ، ولا اسم فاعل ؛ لأنها فعل يتصل بها كنايات الفاعلين ، كقولك : لست ، ولسنا ، ولستما ، ولستم ، وما أشبه ذلك.
وقد فهم من قول سيبويه في هذا الموضع أنه يجيز" قائما ليس زيد" ، فيقدم خبر" ليس" عليها. وقد أنكر بعض النحويين تقديم خبرها عليها ، وتقديمه جائز ؛ لأن الذي منع" ليس" من التصرف في نفسها : أن معناها في زمان واحد ، وإنما جاز تقديم الخبر في" ليس" ؛ لأنها فعل يتصل بها الضمائر التي ذكرناها ، ولا خلاف بين النحويين في جواز تقديم خبرها على اسمها ، كقولك : " ليس قائما زيد" ، فهذا أحد ما يدل على جواز التقديم ؛ لأن تقديم الخبر على الاسم ضرب من التصرف.
فإن قال قائل : " نعم ، وبئس" ـ على قولكم ـ فعلان ، ولا يجوز تقديم ما يعملان فيه عليهما ، وكذلك فعل التعجب ، إذا قلت : " ما أحسن زيدا" ، ولا يجوز تقديم الاسم عليه.
قيل له : بين" ليس" وبين فعل التعجب ، و" نعم ، وبئس" فرق وذلك ؛ لأن" ليس" لا يمتنع دخولها على الأسماء كلها ، مضمرها ومظهرها ، ومعرفتها ونكرتها ، ويتقدم اسمها على خبرها ، وخبرها على اسمها ، و" نعم ، وبئس" لا يتصل بها كناية المتكلم ، ولا يقعان على الأسماء الأعلام ، وفعل التعجب يلزم طريقة واحدة ، ولا يكون فاعلها إلا ضمير" ما" ، فكانت" ليس" أقوى منها.
قال : فإن قال قائل : فأنتم تقولون : " عسى زيد أن يقوم" ، " زيد" يرتفع" بعسى" ، و" عسى" فعل ، " وأن يقوم" في موضع نصب. و" عسى" فعل يتصل به الكنايات ؛ لأنك تقول : " عسيت ، وعسينا ، وعسيتم" ، ومع هذا كله لا يجوز تقديم" أن" على" عسى" ، لا تقول : " أن يقوم عسى زيد" ، على تقدير : عسى زيد أن يقوم.
قيل له : لا يشبه" عسى"" ليس" ؛ لأن" عسى" وضعت للدلالة على المستقبل بلفظ" أن" ، حتى لا يحسن نقل" أن" إلى المصدر ، فلا يقال : " عسى زيد القيام" ، و" أن" إذا