ومكسّر ، ومستغفر ، وما أشبه ذلك ، إذ كانت جارية على : ضرب ، وقاتل ، وكسر ، واستغفر ؛ وأسماء المفعولين : نحو : معطى ، ومكسوّ ، ومعرّف ، ومعلم إذا كانت جارية على : أعطى ، وكسي ، وعرّف ، وأعلم ، تعمل عمل الفعل الذي جرت عليه ، إذا كان الفعل للحال ، أو المستقبل ، وتتصرف تصرفه ، تقول : " هذا ضارب زيدا" ، كقولك : " هذا يضرب زيدا" ، " وهو مكسوّ جبة" ، و" معرّف زيدا" ، كما تقول : " هذا يضرب زيدا" ، و" يعرّف زيدا" ؛ وإن شئت قلت : " هذا زيدا ضارب" ، و" هذا زيدا معرف" ، كما تقول : " هذا زيدا يضرب" ، و" هذا زيدا يعرف" ، فيجري مجرى الفعل ويعمل عمله.
فإن قال قائل : لم أعملتم هذه الأشياء ، وهي أسماء عندكم؟
قيل له : حمل الأسماء على الأفعال إذا كانت بينهما مشاكلة ، وحمل الأفعال على الأسماء جائز ، فمن ذلك أنّا قد حملنا الأفعال المضارعة التي في أوائلها الزوائد الأربع على الأسماء ، فأعربناها للمضارعة التي بينها وبين الأسماء ، وقد ذكرنا تلك المضارعة ، ولم تكن في الأصل معربة ، ولا مستحقة للإعراب ، فبالمضارعة التي حملنا بها الأفعال على الأسماء ، وأعربناها حملنا أيضا الأسماء على الأفعال فأعملناها ؛ لأن العمل في الأصل للأفعال.
فإذا كان الاسم في معنى فعل ماض لم تعمله ؛ لأن ذلك الفعل الذي الاسم في معناه لم يضارع الاسم مضارعة تامة ، فيحمل عليه في إعرابه ، وكذلك الاسم لم يضارعه فيحمل عليه في عمله ، لا تقول : " زيد ضارب عمرا أمس" ، ولا" وحشيّ قاتل حمزة يوم أحد" ، لأنه في معنى : ضرب ، وقتل ، وليس بينهما مضارعة ، بل تضيفه إليه فتقول : " زيد ضارب عمرو أمس" ، و" وحشيّ قاتل حمزة". وهذا قول النحويين إلا الكسائي ، وقد مضت الحجة فيه.
فإذا قلت : " هذا معطي زيد درهما أمس" ، " وهذا ظان زيد منطلقا أمس" فكثير من أصحابنا يزعمون أن الثاني ينتصب بإضمار فعل آخر ، كأنه قال : " هذا معطي زيد أعطاه درهما أمس" ، و" هذا ظان زيد ظنه منطلقا أمس". والأجود عندي أن يكون منصوبا بهذا الفعل بعينه ، وذلك لأن الفعل الماضي فيه بعض المضارعة ، ولذلك بني على حركة ، فبذلك الجزء من المضارعة يعمل الاسم الجاري عليه عملا ما ، دون عمل الاسم الجاري على الفعل المضارع ، فعمل في الاسم الثاني لمّا لم يمكن إضافته إليه ، لأنه لا يضاف إلى اسمين ، فأضيف إلى الاسم الذي قبله ، وصارت إضافته بمنزلة التنوين له ، وعمل في الباقي