بما فيه من معنى الفعل والتنوين.
قال سيبويه عقيب ذكر هذا : (وذلك قولك : " أزيدا أنت ضاربه" ، " وأ زيدا أنت ضارب له" ، و" أعمرا أنت مكرم أخاه" ، و" أزيدا أنت نازل عليه". كأنك قلت : " (أزيدا) " أنت ضارب" ، " وأنت مكرم" ، و" أنت نازل" ، كما كان ذلك في الفعل ؛ لأنه يجري مجراه ، ويعمل في المعرفة كلها ، والنكرة مقدما ومؤخرا ، ومظهرا ومضمرا).
يعني أن قولنا : " أزيدا أنت ضاربه" بمنزلة قولك : " أزيدا أنت تضربه" وقد بينا أن اسم الفاعل يجري مجرى الفعل ، ويعمل عمله.
فإن قال قائل : فأنت إذا قلت : " أزيدا أنت ضاربه" ، الهاء في موضع جر ، فكيف نصبت زيدا ، وضميره مجرور؟
قيل له : جر ضميره لا يمنع أن يكون" ضارب" في معنى الفعل ، كما كان ذلك في قولك : " أزيد مررت به" ؛ لأن ضميره مجرور ، وإنما الجر في اللفظ ، والنية نية التنوين في" ضاربه" ، كأنك قلت : " ضارب له".
وقوله : (ويعمل في المعرفة والنكرة ، مقدما ومؤخرا ، ومظهرا ومضمرا).
يعني : اسم الفاعل ، تقول : " هذا ضارب زيدا" ، و" قاتل رجلا" ، و" هذا زيدا ضارب" ، و" هذا أباك قاصد" ، فذكر سيبويه هذا ؛ ليثبت أنه يعمل عمل الفعل ويجري مجراه.
قال : (وكذلك" آلدار أنت نازل فيها" وتقول : " أعمرا أنت واجد عليه" ، و" أخالد أنت عالم به" ، و" أزيدا أنت راغب فيه" ؛ لأنك لو ألقيت" عليه" و" فيه" و" به" مما ها هنا لتعتبر ، لم يكن ليكون إلا مما ينتصب ، كأنه قال : " أعبد الله أنت ترغب فيه" ، و" أعبد الله أنت تعلم به" ، و" أعبد الله أنت تجد عليه" ، فإنما استفهمته عن علمه به ، وعن رغبته فيه في حال مسألتك).
يعني : أن اسم الفاعل إذا كان متعديا بحرف جر ، فليس يمنعه ذلك من أن يجري مجرى الفعل ، وينصب الاسم الأول بإضمار فعل. فإذا قلت : " أعبد الله أنت راغب فيه" صار بمنزلة قولك : " أعبد الله أنت ترغب فيه" ، إذا كان راغبا فيه ، فتنصب كما نصبت في قولك : " أعبد الله أنت مررت به" وقد بينا هذا. وإنما تنصب" عبد الله" في قولك : " عبد الله أنت راغب فيه" إذا كان راغبا في معنى" يرغب" لا في معنى" رغبت".