وهذا معنى قول سيبويه : (فإنما استفهمته عن علمه به ، ورغبته فيه في حال مسألتك).
لأن الذي يعمل عمل الفعل من أسماء الفاعلين ما كان في معنى الفعل المضارع ، وقد بيّنا ذلك.
قال : (ولو قال : " آلدار أنت نازل فيها" ، فجعل" نازلا" اسما رفع ، كأنه قال : " آلدار أنت رجل فيها").
يعني : أن اسم الفاعل قد يجوز ألا يذهب به مذهب الفعل ؛ لأنه اسم ، ويجري مجرى الأسماء التي لم تؤخذ من الأفعال. فإذا فعلت ذلك لم تنصب الاسم الأول ؛ لأنه ليس بعده فعل ، ولا شيء جعل في معنى الفعل ، ووقع على ضميره.
فإن قال قائل : فإذا قلت : " آلدار أنت نازل فيها" ، فجعلته بمنزلة قولك : " آلدار أنت رجل فيها" ، فما موضع" فيها" من الإعراب؟ وما العامل فيها؟
قيل له : أما قولنا : " آلدار أنت رجل فيها" ، فموضعها رفع" باستقر" ، وهي في موضع النعت لرجل ، كقولك : " مررت برجل في الدار" ، و" مررت برجل خلفك" ، وأما قولك : " آلدار أنت نازل فيها" ، فقد يكون على هذا الوجه ، وقد يكون أيضا على معنى الفعل الماضي ، ويكون عاملا في الظرف الذي هو" فيها" بمعناها لا بلفظها ، وقد تعمل المعاني في الظروف ، ولا تعمل في الأسماء. ألا ترى أنك تقول : " زيد غلامك اليوم" ، و" غلام" ليس باسم فاعل ، ولا مأخوذ من الفعل.
قال : (ولو قال : " أزيد أنت ضاربه" فجعله بمنزلة : " أزيد أنت أخوه" ، جاز).
يعني : أنه لا يجريه مجرى الفعل ، فيكون اسم الفاعل المضاف ، فإذا لم يجر مجرى الفعل كان بمنزلة" أخوه" ، فإذا لم يكن مضافا ، كان بمنزلة" رجل".
قال : (" ومثل" ذلك في النصب : " أزيدا أنت محبوس عليه" ، و" أزيدا أنت مكابر عليه").
يعني : أنك إذا قلت : " أزيدا أنت محبوس عليه" ، فعلى موضعه نصب ، وقد اتصل به ضمير" زيد" ، فوجب أن ينصب" زيد" بإضمار فعل ، وكذلك في : " أزيدا أنت مكابر عليه" ، كأنك قلت : " أتنتظر زيدا أنت محبوس عليه" ، " واستلبت زيدا أنت مكابر عليه" ، وفي" محبوس" و" مكابر" ضمير يقوم مقام الفاعل ؛ لأن معناه : أنت" تحبس عليه ، وتكابر