في قولنا : " ضربا زيدا" فعلا غير أضرب ، كقولنا : " أوقع ضربا زيدا" ، و" افعل ضربا زيدا" ، حتى يكون الضرب مفعولا لذلك الفعل المضمر لا مصدرا ، لانتصب" زيدا" ب" ضربا" ، فكان يصير بمنزلة قولك : " رأيت ضربا زيدا" ، فعلى هذا قوله : " فندلا رزيق المال" هو على وجهين :
إما أن يكون على قولك : " اندل ندلا المال" ، فيكون" المال" منصوبا باندل على الحقيقة و" ندلا" نائب عنه ، وإما أن يكون" ندلا" منصوبا" بأوقع" أو" أفعل" ، فيكون" المال" منصوبا ب" ندلا".
(وقال المرار الأسدي :
أعلاقة أم الوليد بعد ما |
|
أفنان رأسك كالثّغام المخلس) (١) |
قال : فالقول في : " أعلاقة أم الوليد" ، كالقول في : " ندلا رزيق المال".
وقوله : " بعد ما أفنان رأسك كالثّغام المخلس" : " أفنان" مبتدأ ، وخبره" كالثغام" و" ما" وما بعدها من الابتداء والخبر بمعنى المصدر ، كما تكون هي وما بعدها من الفعل بمعنى المصدر ، وكما تكون" أنّ" المشددة وما بعدها من الاسم والخبر بمعنى المصدر ، فيكون تقديره : " بعد إشباه رأسك الثغام" ، كما لو قلت : " بعد ما أشبه رأسك الثغام" كان تقديره : " بعد إشباه رأسك"
(وقال الشاعر :
بضرب بالسّيوف رؤوس قوم |
|
أزلنا هامهنّ عن المقيل) (٢) |
نصب" رؤوسا" ب" ضرب" ، لما نونه.
قال : (وتقول : " أعبد الله أنت رسول له" و" رسوله" ، لأنك لا تريد" بفعول" ها هنا ، ما تريد به في" ضروب" ؛ لأنك لا تريد أن توقع منه فعلا عليه ، فإنما هو بمنزلة قولك : " أعبد الله أنت عجوز له).
يعني : أن" رسولا" لا يجري مجرى الفعل ، كما جرى" ضروب" مجرى الفعل ، ألا ترى أنك لا تقول : " هذا رسول زيدا" ، كما تقول : " هذا ضروب زيدا" ، وذلك أن
__________________
(١) الخزانة ٤ / ٤٩٣ ، سيبويه ١ / ٦٠ ، الدرر اللوامع ١ / ١٧٦.
(٢) البيت للمرار بن منقذ التميمي : العيني ٣ / ٤٩٩ ، ابن يعيش ٦ / ٦١ ـ ٦٢.