" رجل ظنين" ، أي متهم قال الله تعالى : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ)(١) أي بمتهم. وقد يكون بمعنى العلم كما قال الله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)(٢) أي : يعلمون. وإنما يقع الظن بمعنى العلم في كل ما لم تدركه الحواس ، وعلم من طريق الاستدلال ، فقلت : " ظننت الحائط مبنيا" ، وأنت قد شاهدته ، لم يجز ذلك.
وأما" رأيت" : فإنه من رؤية العين ، يتعدى إلى مفعول واحد كقولك : " رأيت زيدا" أي : أبصرته ، وإن قلت : " رأيت زيدا قائما" من رؤية العين فإنما ينصب" قائما" على الحال. ورؤية القلب لا يجوز فيها الاقتصار على أحد المفعولين ولها مذهبان : مذهب العلم ، ومذهب الظن ، قال الله تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً. وَنَراهُ قَرِيباً)(٣) ، معناه : أنهم يظنونه بعيدا ، ونعلمه قريبا.
وأما" وجدت" من وجود القلب ، فإنه بمعنى العلم يقال : " وجدت زيدا قائما وجودا" بمعنى : علمته قائما ، قال الله تعالى : (وَجَدْناهُ صابِراً)(٤) أي : علمناه صابرا. وإذا كان" وجدت" في غير معنى العلم ، فليس مصدره" وجودا" ، ولا يتعدى إلى مفعولين ، وذلك قولك : " وجدت الضالة وجدانا" ، بمعنى : أصبتها و" وجدت على زيد موجدة" ، إذا عتبت عليه ، وغير ذلك من وجوهها.
وأما : " علمت" : فإن له مذهبين : إن أردت به معرفة الاسم ولم تكن عارفا به من قبل تعدّى إلى مفعول واحد ، وصار بمنزلة" عرفت" فإذا قلت : " علمت زيدا اليوم" ، فمعناه : عرفته اليوم ، ولم تكن عارفا به من قبل ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ)(٥) أي : عرفتموهم ، ولم تكونوا عارفين بهم ، وكذلك قوله : (لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)(٦).
والمذهب الآخر من مذهبيه : أن يكون العلم واقعا بالثاني ، كقولك : " علمت زيدا
__________________
(١) سورة التكوير ، آية : ٢٤.
(٢) سورة البقرة ، آية : ٤٦.
(٣) سورة المعارج ، الآيتان : ٦ ، ٧.
(٤) سورة ص ، آية : ٤٤.
(٥) سورة البقرة ، آية : ٦٥.
(٦) سورة التوبة ، آية : ١٠١.