منطلقا اليوم" ، وقد كنت عارفا بزيد من قبل ، غير أنك لم تكن عارفا بانطلاقه ، فحدث لك العلم اليوم بانطلاقه.
وأما" زعمت" فإنه قول يقترن به اعتقاد ومذهب ، وقد يصح ذلك وقد لا يصح.
ولو كان الزعم في معنى القول المحض لحكي ما بعده ولم ينصب ، كما يفعل ذلك بعد القول ، إذا قلت : " قال زيد عمرو قائم".
وأما السبعة التي لم يسم فاعلوها : فهي متعدية إلى ثلاثة مفعولين ، إذا سمّي فاعلوها وأنا أبينها في باب : " ما يتعدى إلى ثلاثة مفعولين".
فإذا تقدمت هذه الأفعال عملت النصب في المفعولين جميعا ، ولا يجوز إلغاؤها كقولك : " علمت زيدا منطلقا" ، و" علمت أباك ذاهبا" فهي في تقدمها بمنزلة : " ضربت ، وأعطيت" في الإعمال. والمفعول الثاني منها خبر للمفعول الأول ، فهو ينقسم أقسام الأخبار ، يجوز أن يكون اسما هو الأول كقولك : " حسبت زيدا منطلقا" ، ويجوز أن يكون فعلا له ماضيا ، ومستقبلا كقولك : " حسبت زيدا قام" ، و" حسبت زيدا يقوم" ، وظرفا له كقولك : " حسبت زيدا عندك" وجملة فيها ذكر يعود إليه كقولك : " حسبت زيدا أبوه قائم" ، و" حسبت زيدا إن تأته يأتك".
وإذا توسطت هذه الأفعال ، أو تأخرت جاز إلغاؤها وإعمالها كقولك : " زيد حسبت منطلق" ، و" زيدا حسبت منطلقا" ، و" زيد منطلق حسبت" و" زيدا منطلقا حسبت".
وإنما جاز إلغاؤها ؛ لأنها دخلت على جملة قائمة بنفسها ، فإذا تقدمت الجملة ، أو تقدم شيء منها حصل لفظ الخبر ، ولم يكن في الكلام لفظ شك ، فحملت الجملة على منهاجها ولفظها قبل دخول الشك ، وصير موضع الشك واليقين في تقدير ظرف له. فإذا قلت : " زيد منطلق ظننت" ، أو" زيد ظننت منطلق" ، فكأنك قلت : " زيد منطلق في ظني". وإذا تقدم الفعل ، حصل فعل الشك واليقين قبل ورود الاسم فعمل ؛ لأن الاسم ورد وقد تقدم الشك في خبره ، فمنعه ذلك التقدم من أن يجري على لفظه الأول قبل دخول الشك واليقين.
قال سيبويه : (فإذا جاءت مستعملة فهي بمنزلة" رأيت" يعني : رؤية العين و" ضربت ، وأعطيت" في الإعمال والبناء على الأول في الخبر والاستفهام ، وفي كل