في" أظنه" المفعول الأول ، و" منطلقا" المفعول الثاني.
وقد تقدم الظنّ المفعولين ، فلا يجوز الإلغاء ، ويجوز أن تقول في الابتداء : " أظنه عبد الله منطلق" ، وأظنه عبد الله منطلقا" ، على مذهبين مختلفين.
أما إذا قلت : " أظنه عبد الله منطلق" ، جعلت الهاء للأمر والشأن وجعلتها للمفعول الأول ، وجعلت الجملة التي هي مبتدأ وخبر في موضع المفعول الثاني ، كما تقول : " إنه زيد قائم" ، و" كان زيد قائم" ، وإن نصبتها جعلت" الهاء" ضمير الظن ، وصارت تأكيدا للفعل ، فكأنك قلت : " أظن ظني عيد الله منطلقا".
قال : (وإنما يضعف هذا إذا ألغيت ؛ لأن الظن يلغى في مواضع" أظن" ، حتى يكون بدلا من اللفظ به ، فكره المصدر هنا ، كما قبح أن يظهر ما أنتصب عليه سقيا ، وسترى ذلك ـ إن شاء الله ـ مبنيا ولفظك بذاك أحسن من لفظك بظني).
يعني : إنما يضعف" عبد الله أظنه منطلق" لأن" أظن" قد ألغى والمصدر تأكيد ، فكره أن يؤتى بتأكيد شيء قد ألغى.
فإن قال قائل : فأنت قد تقول : " عبد الله ظنك منطلق" وتجيء بالمصدر ، وقد ألغيت.
قيل : المصدر هاهنا بمنزلة الفعل ؛ لأنك لم تأت بالفعل وجعلت المصدر بدلا من اللفظ به ، فكأنك لفظت بالفعل بلا مصدر.
وقوله : (كما قبح أن يظهر ما انتصب عليه" سقيا").
يعني : قبح أن تقول : " عبد الله أظن ظني منطلق" ، فتجمع بين الفعل والمصدر ، كما قبح أن تقول : " سقاك الله سقيا لك" ؛ لأن الكلام" سقاك الله" ، أو" سقيا" ، ولا يجمع بينهما.
قال : (ولفظك بذاك أحسن من لفظك" بظني"). وقد مر هذا.
قال : (ألا ترى أنك لو قلت : " زيد ظنّي منطلق" لم يحسن ولم يجز أن تضع ذاك موضع" ظني").
يريد : أن" ظني" أدل على" أظن" من ذاك. فلذلك صار" ذاك" أبعد من التأكيد. ألا ترى أنك تقول : " زيد ظني منطلق" ولا تقول : " زيد ذاك منطلق".
قال : (وترك ذاك في" أظن" إذا كان لغوا أقوى منه إذا وقع على المصدر).