فمنها ما اهتم بذكر المصنفات والمؤلفات ، كما هو مستفاد من كتاب (ابن النديم) الفهرست ، ومنها ما اهتم بذكر حياته الإنسانية والعلمية ، كما أخبرنا (البغدادي) المتوفى (٤٦٤ ه) في كتابه : تاريخ بغداد.
ثم أن ما تلا هذين المصنفين من كتب التراجم والطبقات ، قد اقتفى آثارهما واعتمد عليهما في ثبت المعلومات ، عن حياة السيرافي وتاريخه العلمي. نذكر منها :
ـ كتاب الأنساب للسمعاني (ت ٥٦٢ ه).
ـ نزهة الألباء ، لابن الأنباري (ت ٥٧٧ ه).
ـ إرشاد الأريب ، لياقوت الحموي (ت ٦٢٠ ه).
ويعتبر إرشاد الأريب من أهم المصادر المتأخرة التي اعتنت بحياة السيرافي.
ثم توالت المؤلفات والمصادر التي تعني بتراجم الأعلام ، وهي على تواترها ـ أي المؤلفات والمصادر ـ لا ترقى إلى مرتبة كتابي : الفهرست ، لابن النديم ، وتاريخ بغداد ، للبغدادي.
السيرافي العالم :
السيرافي ، نسبة إلى مكان ميلاده (سيراف) وهي مدينة من مدن بلاد فارس حيث تربطها علاقات تجارية مع بلاد الهند بحكم موقعها الجغرافي ، الواقع جنوبا من بلاد فارس.
وقد أتاحت له نشأته أن يتقن الفارسية ، لغة قومه وعشيرته ، واللغة العربية ، التي كانت ـ إذا صح التعبير ـ لغة المراسم والدواوين ، فضلا عن كونها لسان التخاطب بين سائر الناس من سكان البلاد.
وكان السيرافي قد أتمّ بعضا من معارفه وعلومه اليسيرة في مدينته (سيراف) حيث إنها لم تكن بيئة علمية ، وإنما كانت ـ كما ذكرنا ـ مركزا للتجارة والمال.
ثم انصرف عن (سيراف) مسقط رأسه قبيل بلوغه عامه العشرين من عمره قاصدا بلاد (عمان) لدراسة علوم الفقه ، ثم ارتحل إلى (عسكر مكرم) حيث انتظم في حلقات الصّيمري المعتزلي ، المتوفى سنة ٣١٥ ه ، فكان السيرافي نابغة الحلقة وفارسها الذي يشار إليه بالبنان.
ونظرا لأن بغداد ـ حاضرة حواضر الدنيا ـ كانت ذاخرة بالمعارف والعلوم