التكليف تكاليف ، وجوبية ، وتحريمية إضافة الى المستحبات ، والمكروهات ، وبينت كل ذلك له . وحينئذٍ فمن إمثتل ما قرر له من الواجبات ، وترك المحرمات فله جزاؤه الذي يترتب على الإِتيان بالواجب ، والعقاب الذي يناله من يخالف ، ويأتي بالمحرم . أما أنه يترك ما هو واجب عليه ويأتي بما هو محرم ، ويدعو الله ليغفر له مثل هذه المخالفات فهذا معناه الطلب من الله تعطيل قاعدة الأسباب ، والمسببات ، وإجابة الله ـ لو فرضت ـ لمثل هذه الأدعية ما هي الا نسف لما بني عليه هذا الكون من الارتباط الترتبي بين الأسباب ، ومسبباتها . وهكذا الحال في الأمور المعاشية ، فإن تحصيل المال يتبع الأصول الأساسية لقاعدتين : العمل ، والتجارة ، ولكل من هذين شروطه ، وبإتباعها يتمكن الانسان من الحصول على المال . أما الاعتماد على الدعاء والانتظار لما وراء الغيب ، فهذا موضوع يبتنى على توقع تحصيل المال من باب الجزاف ، والاعتباط .
والرد على هذا الدليل : بعدم التنافي بين فكرتي الدعاء ، وقانون الاسباب ، والمسببات ففي الوقت الذي نقر فيه بأن المسبب لا يتخلف عن سببه إذا حصل نقول :
بإن الدعاء يؤثر أثره وذلك لأن السبب على نحوين :
تكويني ، وتشريعي .
ويمثل للأول : بسببية النار للحرارة ، والشمس لوجود النهار ، وحصول الضوء .
أما الثاني : وهو السبب التشريعي فيمثل له باستحقاق
العقاب الذي رتبه الشارع على صدور الذنب من المكلف ، وكلا هذين لا